ربيع عبد الرؤوف الزواوي
مواصفات العاملين بالدعوة في آيتين فقط
الآيتان الكريمتان رقم ( 13 و 14 ) من سورة الكهف؛ اللتان تكشفان لنا من هم أصحاب الكهف؟... أولئك النفر من الشباب الفتي الممتلئ حيوية وإيمانا وغيرة وعزة وعزيمة ورشدا...
نفس هاتين الآيتين الكريمتين تذكران مواصفات العاملين بالدعوة إلى الله، وتحددان في جزء منهما فقط وبصورة عجيبة؛ تلك المواصفات التي يجب ان تتوافر في العاملين في هذه المهمة الشريفة...
((... إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى? قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا...))...
تشير الآيتان الكريمتان إلى أن للعاملين بالعمل الدعوي الجماعي مواصفات... لابد لهم- وهم أحسن الناس- أن تتوفر فيهم هذه الصفات:
- الفتوة : وتجدها في قوله (إنهم فتية)...
- الإيمان : وتجده في قوله (آمنوا بربهم)...
- الالتزام : وتجده في قوله (وزدناهم هدى)...
- الشجاعة : وتجدها في قوله (وربطنا على قلوبهم)
- الحركة : وتجدها في قوله (إذ قاموا)...
- البلاغ : وتجده في قوله (فقالوا...)...
فسبحان من هذا كلامه!...
((... إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى? قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا...))...
فلابد من:
- الفتوة؛ لأن الدعوة تحتاج عزيمة، وبذل، وتضحية، وتواضع، وقبول للحق، وتخفف من متاع الدنيا، وعدم اكتراث بردة فعل الآخرين، وعدم الاهتمام بعادات الناس، وغير ذلك... ومحل كل ذلك من صفات فتوة الشباب... وليس حسابات الكبار وذوي الهيئات... الذين يحسبون عواقب الأمور بحذر وتخوف، ولهم مبرراتهم وصوارفهم الكثيرة...
ولابد من:
- الإيمان؛ لأن الدعوة تحتاج ثبات، وقوة، وصبر، وتحدي، وغير ذلك من الصفات التي يغذيها الإيمان الراسخ ويمدها اليقين الثابت... ولا تكون هذا الصفات إلا في وجود الإيمان بالله وحده...
ولابد من:
- الالتزام؛ لأن الدعوة تحتاج لرافد يغذي الإيمان ويقويه، إذ هو مربط الفرس ومحور الاهتمام... والالتزام بالهدي يقوي الإيمان ويغذيه ويمده بينبوع النور الكاشف؛ لارتباط الإيمان بالعمل الصالح...
وقد كثر في القرآن الكريم في ثنايا آياته البينات قوله تعالى (آمنوا وعملوا الصالحات)...
ولابد من:
- الشجاعة؛ لأن الدعوة تحتاج إلى شجاعة... شجاعة وجسارة وإقدام... شجاعة تمكن صاحبها من القيام بمهام الدعوة، والانطلاق لمواجهة المنكر والباطل بشتى صوره وأشكاله... وإلا فالجبان والهلوع والمرعوب والخوار... لن يدعو ولن يبلغ ولن يفعل شيئا...
ولابد من:
- الحركة؛ لأن الدعوة تحتاج للحركة للقيام بمهام كثيرة؛ من تحرك وانتقال، وتفاعل واتصال، وتواصل وإقبال... والقاعد الكسول لا يتحرك ولا يفعل شيئا من كل ذلك...
ولابد من:
- البلاغ؛ لأن الدعوة تحتاج للتبليغ والبيان، والنصح والحوار، والكلام والجدال بالتي هي أحسن، وغير ذلك... والساكت الذي لا يتكلم ولا يقول شيئا لا يفعل شيئا من كل ذلك...
فسبحان من هذا كلامه...
ففي جزء من آيتين يكون كل ذلك من البيان والتبيين...
فارزقنا اللهم حسن الفهم عنك...
ووفقنا اللهم لحب كتابك...
وإدراك ما فيه من أسرار نافعة، وحجج قاطعة، وأنوار ساطعة، وفوائد رائعة...