المساء
مؤمن الهباء
هل تتعلم الغربان ؟
عادت علاقاتنا مع السعودية الشقيقة إلي مجراها الطبيعي.. وانقشعت سحابة الصيف التي مرت بها هذه العلاقات نتيجة تبادين في وجهات النظر.. وتأكد للجميع انه لا غني لمصر عن السعودية ولا غني للسعودية عن مصر.. فالبلدان هما جناحا الأمتين العربية والإسلامية.. وارتباطهما معا أقوي من أن تؤثر فيه خلافات الرأي أو تنال منه ظروف طارئة.
هذه الحقيقة جديرة بأن نضعها علي رأس المسلمات الوطنية والقومية بعد ان أكدتها التجارب التاريخية علي مر العصور.. وأول الفئات التي يجب عليها إدراك هذه الحقيقة هم الإعلاميون أصحاب الصوت العالي والصحفيون أصحاب الأقلام المسمومة.. الذين ينتهزون أية فرصة لإطلاق العنان لحناجرهم وأقلامهم عند أي خلاف دون ضابط أو رابط.. فيملأون الدنيا صراخاً وعويلاً وإساءة إلي الأشقاء.. ويرتكبون من الحماقات والمزايدات ما يسيء إليهم وإلي سمعة الإعلام المصري بصفة عامة.
ورغم ان التجربة تتكرر كثيراً إلا أن هؤلاء لا يستحون.. ويكررون خطاياهم تحت شعار الدفاع عن مصر وهم في الواقع يسيئون إلي مصر ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً.. ولا أدري كيف يحترم أحدهم نفسه عندما يراجع ما قاله أو كتبه بالأمس عن السعودية والسعوديين.. ويراجع ما قاله أو كتبه اليوم بعد ان عادت المياه إلي مجاريها.
لقد تحول بعض نجوم التوك شو إلي غربان ليلية تنعق بما لا تفهم.. وتحولت بعض مقالات الصحف إلي ردح وشتائم وبذاءات لا تقال إلا علي النواصي.. وعندما تتعلق هذه الممارسات السلبية بالعلاقات مع الدول الشقيقة تعمق الهوة وتؤدي بنا تلقائيا الي الحضيض.. وتضع الإعلام المصري عامة في أسفل سافلين.. وتفقده مصداقيته وتجعل منه أضحوكة بين الأمم.
والغريب أن بعضهم الآن يتنصل من الإساءات التي صدرت منه تجاه الأشقاء بعد أن عادت العلاقات إلي طبيعتها.. اعتماداً علي انه لا أحد اليوم سيفتش في الدفاتر القديمة.. بينما الخطيئة قد وصمت الجميع.. وجعلت الإعلام المصري متهما بالبذاءة وانعدام الموضوعية والمهنية.
لاشك ان مصر تستحق إعلاما أفضل كثيراً من هذا الإعلام السطحي.. تستحق إعلاما محترما يليق باسمها ومكانتها وتاريخها.. يقوم علي التحليل والنقد الهادف والمعلومة الصحيحة.. ويعمل علي تقريب المسافات بين الأشقاء بعيداً عن التجريح والإساءة.
إن الخلافات وتباين وجهات النظر بين الدول الشقيقة مسألة عادية جداً.. وتطابق المواقف بين الدول علي طول الخط اسطورة غير حقيقية.. المهم عندما يقع الخلاف يجب ان تكون المعالجة الإعلامية والصحفية موضوعية ومسئولة.. ويجب ان نحتفظ باحترام الآخر حتي ونحن مختلفون معه.
لقد سئمنا من حملات التشويه الإعلامية التي أصبحت من إرث الماضي البغيض ودفعنا ثمنها غاليا.. ويجب ان يكون في عودة العلاقات مع السعودية درس للمزايدين والمطبلين في كل أزمة.. فالسياسة اتفاق واختلاف ثم اتفاق واختلاف.. لكن تبقي علاقات الأخوة فوق كل اتفاق واختلاف.. فتعلموا يا أولي الألباب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف