الجمهورية
محمد سيد ابراهيم
أسرارنا علي المكشوف
فضول البعض للتلصص علي الآخرين من ثقوب الأبواب أو التصنت علي أحاديثهم عبر الجدران أو الأرضيات وربما بدعم من أطباق مقلوبة: كان يثير حفيظة الكثيرين ويدعو للاشمئزاز لمخالفته تعاليم السماء. رغم أن الضرورة كانت تبيح ذلك لمخبرينا القدامي ببلاطيهم المعهودة عن طريق اصطناع ثقب في جريدة لمراقبة من يتشككون فيهم من خلاله أو استخدام المكبر "الميكروسكوب" للحراسة ومراقبة الحدود. والذي تم دعمه الكترونياً حتي أصبح يميز أشخاصاً أو أهدافاً تبعد عدة كيلو مترات. كما أمكن بتركيبه في الأقمار الصناعية قراءة أرقام سيارة متحركة علي احد الطرق أو مانشيتات صحيفة مخبرنا القديم من الفضاء الخارجي. لتقلص بأدائها مهام العديد من الجواسيس التقليديين. وهو ما دفع البلدان لحشد العديد منها حتي جاوزت المائتين سواء لاستغلالها في البحوث أو الرصد أو تأمين الحدود والتجسس أيضاً.
ولأن تلك الأقمار منخفضة الارتفاع فإنها تتحرك بسرعة أكبر من حركة دوران الأرض لتظل محتفظة بمدارها دون هروب أو سقوط علي الأرض عن طريق معادلة قوة الطرد الناشئة عن دورانها مع قوة جذب الأرض لها. وهو ما دعر الدول الراصدة بوجه خاص لتعزيزها بأقمار أخري ذات مدارات مغايرة في التوقيت والاتجاه لتحقيق استمرارية المتابعة أو الرصد لبقعة ما أو دولة بعينها كالخمسة أقمار الإسرائيلية التي تتناوب غفارتها والرصد والتلصص علينا أيضاً خلاف العشرات للدول الكبري والعديد لغيرها. والتي تختلف عن تلك التي تدور متزامنة مع دوران الأرض لتبدو ثابتة وهي فوق خط الاستواء وبارتفاع يقارب 36 ألف كم لنقل الاتصالات والبث الإذاعي والتليفزيوني وتحديد المواقع وغيرها والتي تتجه إليها أطباق الاستقبال الفضائي التي نستخدمها.
أما التجسس القريب فقد تطور بتقنيات وأجهزة نقل وبث صورة ثابتة ومتحركة يمكن زراعتها في قلم أو ساعة أو زر جاكيت أو ذراع "نظارة" خلاف تلك العاملة بالأشعة أو المجردة للبشر من أرديتهم. أما الأخطر والأحدث للهيمنة الجديدة فهو مما تم كشفه مؤخراً بوجود برنامج تجسس ضخم لوكالة المخابرات الأمريكية يسيطر علي مساحة هائلة من البيانات العالمية يستهدف البشر والمؤسسات ويضع سياسات وقدرات الدول تحت المراقبة وتأكد ذلك بنشر وثائقه بموقع ويكيلكس. ويمكنه اختراق برامج الحماية للأجهزة عن طريق شبكة النت أو تسخير الفيروسات لنقل أو افساد أو تدمير محتوياتها والتسلل لاختراق أسرارنا وبثها تاركاً مساحة هائلة يمكن أن يستغلها الإرهاب بعد أن أصبح كل شيء مباحاً ومستباحاً حتي أسرار صناعة القنبلة الذرية. ولكي لا يتبقي لنا إلا عقولنا لحفظ ما تبقي من أسرارنا رغم أن التنويم المغناطيسي قد يهددها أيضاً إلا إذا خفف الزهايمر أو النسيان من تكدسها رحمة بها وبنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف