الجمهورية
بسيونى الحلوانى
ابا الفاتيكان في الأزهر.. أهلاً ومرحباً
تشهد مشيخة الأزهر اليوم حدثاً تاريخياً بزيارة قداسة بابا الفاتيكان فرنسيس الثاني الذي يزور القاهرة لأول مرة ليؤكد ان مصر لن تهزها أحداث إجرامية لحفنة من المجرمين ولن يفسد علاقة المسيحيين بالمسلمين فيها مؤامرات تخطط لها وتنفذها جماعات مجرمة في الداخل ودول راعية للإرهاب في الخارج.
لقاء القمة بين الإمام الأكبر شيخ الأزهر د. أحمد الطيب وقداسة بابا الفاتيكان الحالي هو الثاني لهما بعد أن بادر الشيخ وذهب بكل ما يحمل من سماحة الإسلام وعدله وحرصه علي التعايش مع كل أصحاب الأديان والملل خاصة الاخوة المسيحيين والتقي بالبابا في معقله بالفاتيكان في مايو الماضي وحظي اللقاء بترحيب دولي باعتباره ينهي قطيعة طويلة بين الأزهر والفاتيكان عقب تصريحات غير موفقة لبابا الفاتيكان السابق "بنديكتوس السادس عشر" في جامعة رايتسبون بألمانيا حيث استشهد البابا فيها بكلام فيلسوف ربط بين الإسلام والعنف وذلك علي خلفية تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية نهاية عام 2010 وكذلك كنيسة سيدة النجاة بالعراق. الأمر الذي تسبب في أزمة دبلوماسية وسياسية كبيرة وقطعية مع الأزهر الذي هب شيخه وعلماؤه للرد علي البابا المستقيل واستمرت القطيعة لسبع سنوات حتي أذاب الجليد بين الجانبين د. أحمد الطيب وبعث بعلماء مركز الحوار للتحاور مع قيادات دينية بالفاتيكان واستقبل رجال الفاتيكان بالأزهر وعادت اللجنة المشتركة للحوار بين الأزهر والفاتيكان والتي تبناها شيخ الأزهر الراحل د. محمد سيد طنطاوي رحمه الله والبابا يوحنا بولس الثاني لتمارس أعمالها علي أرض الواقع.
***
بابا الفاتيكان الحالي من خلال كل تصريحاته ومواقفه يحمل رغبة حقيقية في اشاعة السلام ومشاعر المودة والمحبة بين الشعوب الإسلامية والمسيحية فهو شخصية متسامحة يؤمن بأن الحوار والتلاقي يزيل كل أسباب التوتر والتعصب الديني ولذلك تلاقت شخصيته مع شخصية شيخ الأزهر الذي تنقل بين العواصم الأوروبية يتحدث عن احترام الإسلام للمسيحية وعناصر التلاقي بين الرسالتين السماويتين وأدار حواراً مع قيادات دينية مسيحية من كل دول العالم في أجواء من التفاهم والاحترام المتبادل ولا يمر شهر دون استضافة الأزهر لقيادات مسيحية من هنا أو هناك وإدارة حوار جاد معها حول وسائل وأدوات تحقيق التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين في كل مكان علي وجه الأرض ودعم فرص الحوار والتلاقي والتفاهم بين الجانبين بعيداً عن خصوصيات الأديان.
بالتأكيد.. زيارة بابا الفاتيكان لمصر والأزهر ستجلب حسرة كبيرة لجماعات التطرف والإرهاب وللدول المارقة التي ترعاها وتحرضها وتمولها حيث حاول هؤلاء بكل الطرق إلغاء هذه الزيارة عن طريق الحوادث الإرهابية التي ارتكبوها ضد بعض الكنائس منذ أسابيع قليلة.. لكن لأن البابا يعلم حقيقة الأوضاع في مصر ويعرف المشاعر الحقيقية للمسلمين تجاه شركاء الوطن المسيحيين أكد ان زيارته في موعدها وانه يشعر بالأمان وهو علي أرض مصر وانه لن يستقل سيارة مصفحة وذلك في رد واضح وحاسم علي ما يردده أعداء هذا الوطن من أكاذيب عن حالة الأمن في مصر.
***
زيارة بابا الفاتيكان للأزهر تأتي وسط ترحيب كبير من علماء ودعاة الأزهر فهم يدركون ان الإسلام لا يصارع المسيحية ولا ينكر حق اتباعها في اعتناق ما يشاءون وممارسة شعائر دينهم بكل حرية. كما انهم يدركون جيداً ان إيمان المسلم لا يكتمل إلا بالتصديق بالرسالات السماوية السابقة.. ولذلك لا صحة لما يردده محترفو الأكاذيب من ان الزيارة لا تلقي الترحيب الكامل من علماء ودعاة الأزهر وسيشاهد العالم أجمع عبر الشاشات اليوم حجم حفاوة علماء الأزهر بقداسة بابا الفاتيكان.
لذلك فإن زيارة البابا لمشيخة الأزهر اليوم ستكون تاريخية رغم انها ليست الأولي لبابا الفاتيكان لمصر وللأزهر حيث زار البابا الأسبق يوحنا بولس الثاني مشيخة الأزهر في 24 فبراير عام 2000 والتقي بشيخها د. محمد سيد طنطاوي وبالبابا شنودة الثالث وكانت الزيارة لها زخمها علي المستوي الدولي.
***
لقد قاد شيخ الأزهر د. أحمد الطيب مرحلة جديدة من التعاون والتفاهم الحقيقي مع المؤسسات المسيحية الكبري في العالم وعلي رأسها الفاتيكان ومنذ ساعات انتهت جولة جديدة من الحوار الجاد بين الأزهر ومجلس حكماء المسلمين من جانب ومجلس الكنائس العالمي من جانب آخر ولأول مرة نسمع الأمين العام لمجلس الكنائس يشيد بالإسلام وانفتاحه علي الأديان والثقافات الأخري مما يؤكد ان اللقاءات والحوارات بين علماء الأزهر وقيادات الدين المسيحي بدأت تؤتي ثمارها وانهم الآن أكثر إداكاً لطبيعة الإسلام الذي يهاجمه المتعصبون في الغرب عن جهل ودون أن يبذلوا جهداً في التعرف عليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف