المساء
حسن حامد
فاضل علي الحلو دقة
توقفت كثيرا أمام اعتذار الرئيس للمصريين في كلمته خلال مهرجان الشباب بالإسماعيلية. قال "اعذروني لأني حاولت الإصلاح". وهل يعتذر من أصلح؟
ما نعرفه أن المصلحين في كل زمان ومكان هم ورثة الأنبياء كالعلماء تماما. وعلينا أن نثمن صنيعهم ونبجل قدرهم ونشكرهم علي ما بذلوه من جهد ونجزل لهم العطاء في المقابل ونعلي من شأنهم ليكونوا قدوة لغيرهم. لكي يستمر الإصلاح ويكثر المصلحون ويكون بعضهم امتدادا لبعض.
وجاء اعتذار الرئيس للمصريين ليس لأننا لم نفعل ذلك معه. وإنما لأنه يعلم يقينا أن فاتورة الاصلاح غالية وضريبة الاصلاح مرتفعة ولن يدفعها سوانا نحن المصريين. من قوتنا وصبرنا علي العسر منتظرين في تفاؤل أن يأتي اليسر يوما وألا يطول علينا شد الحزام.
وقد قالها الرئيس من قبل في أحد لقاءاته إن المصريين صابرون وهو أول من يعرف ذلك ويقدره. صابرون علي ضيق الحال وصابرون علي التحديات وصابرون علي المؤامرات وصابرون علي أحلامهم للمستقبل. وفي ذلك بلاء عظيم كما يقول ربنا سبحانه.
نعم الضريبة التي يدفعها المصريون من أجل الإصلاح كبيرة. ولأن الرئيس يعلم ذلك فقد اعتذر. في سمو روحي بليغ. لأن المصلحين لا يعتذرون. اعتذر عن الاختيار الصعب الذي لم يكن هناك مهرب منه. اعتذر عن اللجوء إلي الحل المر الذي لم يكن هناك مفر منه. من أجل تحسين المعيشة وصلاح الأحوال. من أجل المستقبل الذي ينتظرنا وينتظر أبناءنا إن شاء الله.
لا أدافع عن الرئيس فيما أقول. فقد وقعت في حفرة اليأس من صلاح الأحوال مرات ومرات. ولأني بشر فقد استمعت مرات ومرات أيضا لمن يرددون أن التعاسة هي قدر مصر. وأن تعيش في بؤس لا يستطيع أي رئيس أن يخرجها منه. وأن السيسي قدم كل ما يملك من جهد ومن أفكار. ولم يعد في الإمكان أن يتغير الحال إلي الأحسن. ولن يكون في المقدور أن تكون مصر دولة غنية أو ميسورة الحال أو مستورة علي أقل تقدير. ستظل دولة فقيرة نامية.
وحاولت جهد إيماني بالرئيس وقدرته علي الاصلاح وإيماني بالله بأن هذا الشعب الصابر يستحق من الله غير ما هو فيه. أن أكون متفائلا. لنفسي ومع الآخرين. حتي أكون نموذجا للتفاؤل بين هؤلاء المتشائمين الذين لا يرون في المستقبل بصيص أمل.
ومن باب التفاؤل أيضا. جاء اعتذار الرئيس للمصريين. ليؤكد أن الخير قادم وأن الفترة الأصعب قد مرت بسلام. وأننا سنحيا في القادم القريب ما صبرنا من أجله طويلا. وسنحيا في القادم القريب ما تحملنا من أجله كثيرا. وسيتدفق الخير بإذن الله. ولا أكثر من أن ننظر كما يقول المثل إنه "فاضل علي الحلو دقة".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف