المساء
محمد جبريل
القنوات الفضائية وجيوب المشاهدين
المأزق المالي ليس وقفاً علي قنوات ماسبيرو. لكنه يشمل الكثير من القنوات الخاصة التي شاركت في المولد لأن صاحبه غائب. وغياب صاحب المولد يعني بث القناة وإرسالها دون هدف تحاول بلوغه. أو برنامج تسعي إلي تحقيقه مجرد التصور أن الإعلام - إن حفل بالبهارات والمغريات - سيجتذب المشاهدين. ويزيد الموارد الإعلامية وصارت برامج التوك شو هي المادة الرئيسية لتلك القنوات. بكل ما تقدمه من مشكلات يغلب عليها الافتعال. وإثارة العواطف والغرائز. المهم أن يظل السيدات والأطفال أمام الشاشة الصغيرة. يتابعون الحكايات التي لا تعني بالنقد ولا التقويم. ؤإنما يشغلها ابتزاز وجدان المشاهدين. بما يدفع الشركات المعلنة إلي الإعلان عن منتجاتها.
من حق القناة الفضائية أن تزيد من مواردها بالترويج للسلع. ولو بادعاء الدعوة لشراء المنتجات المصرية. فهي دعوة مقبولة. في حدود الهدف الذي أطلقت من أجله لا ضرر ولا ضرار.
لكن الغرابة تطالعنا في المسابقة التي تقدمها قناة فضائية. تطلب إجابات عن أسئلة من نوع: من أين تشرق الشمس كل صباح. وأين توجد أهرامات الجيزة؟ وما نوعية الوقود الذي تدار به السيارة؟ وغيرها من الأسئلة التي تحرص علي السهولة بهدف نستطيع تبينه في الاشارة إلي أن الفائز هو صاحب أكبر عدد من الرسائل الصحيحة.
الهدف إذن ليس حل سؤال المسابقة لكنه حل كيس نقود المشاهد الذي تغريه سذاجة السؤال. وسهولة الحل. والطمع في قيمة الجائزة فيشارك بأكبر عدد من الرسائل. تتحول المسابقة إلي لوترية عينها علي جيب المشارك. ولا علاقة لها بذهنه ولا محصوله المعرفي مجرد سبوبة!
لا أسأل عن الدوافع التي أدت إلي تكاثر القنوات الفضائية الخاصة. والرواتب الهائلة التي تقاضاها مقدمو البرامج. هم صناع نجاحها. ومن حقهم أن يفوزوا من الطيب بنصيب. لكن المآسي التي يطرحونها عبر الشاشة الصغيرة. والبرامج التي تكشف الجرائم والتصرفات الخاطئة وعمليات النصب علي الذقون.. ذلك كله يضيف إلي مسئولية مقدمي البرامج عبء محاسبة مموليها. عن شرعية التصرفات في محاولات سد العجز المادي.
إذا كان الهدف هو التوعية ونشر المعرفة وطرح المشكلات المجتمعية فإن الوسائل يجب أن تكون في مستوي الهدف لا تقارب أساليب الريان والسعد والمستريح وغيرهم من الذين اكتفوا بالنظر إلي ما في جيوب المصريين دون التفات إلي ظروفهم الاجتماعية والمادية وأنهم قد يتنازلون عن القرش بوهم الحصول علي أضعافه!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف