محمد أمين المصرى
كلمات .. «سواح» بين القاهرة والإسكندرية
من أمتع الأوقات، ساعات سفرى وعودتى بين القاهرة والإسكندرية، وأنا أستمع على مدى مسافة الطريقين للأغانى التى افتقد سماعها بالقاهرة لضيق الوقت. ولعل رحلتى الأخيرة للثغر، كانت حياة خاصة فى الذهاب مع عبد الحليم حافظ، فيما استأثرت نجاة بالعودة..بدأت الطريق بأغنية «سواح» التى عشت معها كثيرا أيام الصبا، وحفظتها عن ظهر قلب حتى بوقفات حليم وآهاته فيها، وبمجرد أن بدأت موسيقاها استرجعت ذكرياتى قديما، لأقطع شوطا كبيرا من الطريق مع آهات عبد الحليم التى تقطع القلب فعلا، وهو ينقل مرارة غربته فى مشواره البعيد خاصة عندما يسدل الليل أستاره ويغيب النهار، الى درجة يناجى أصدقاءه أن يسلموا على حبيبته إذا لاقوها، ثم يطمنوه على «الأسمراني» وماذا فعلت الغربة فيه:
سواح وماشى فى البلاد سواح\والخطوة بينى وبين حبيبى براح\مشوار بعيد وأنا فيه غريب\والليل يقرب والنهار رواح\وإن لقاكم حبيبى سلمولى عليه\طمنونى الأسمرانى عاملة إيه الغربة فيه.
وتمر أميال وأميال، ويظل عبد الحليم سواحا، ليس داريا بحاله من الفرقة ولا ماذا جرى له، حتى السنين مرت وهو فى شوق وحنين ولم يعرف بعد طريق «الأسمراني». ثم يخاطب عيون حبيبته، ليتحول الى مناجاة القمر البعيد أن يرسيه ويعرف مكان الغائب وأن ينير له سكة المعشوق، حتى أنه يوصيه كشاهد على حاله بأن ينقل لـ»الأسمرانى ماذا فعلت سنين الغربة فيه»
يا قمر يا ناسينى رسينى ع اللى غايب\نورلى ورينى سكة الحبايب\وصيتك وصية يا شاهد عليا\تحكيله ع اللى بيا واللى قاسيته فى لياليا.
وإذا كان عبد الحليم ظل يناجى القمر أن يطمنه على حبيبته، لم تتوقف نجاة عن انتظار حبيبها فى رحلة العودة للقاهرة، وشدت بكلمات «أنا بستناك»، فى أحلى أغانيها، ليمر طريقى سلسا وأنا هائم معها وهى تصور ليلها كشمعة انتظارا لليلة حب، وتصور قلبها حريرا ليجلس حبيبها به:
أنا بستناك وليلى شمعة سهرانة لليلة حب\وأهلا أهلا أهلا حلوة .. شيلاها عيون بتحب \وقلبى حرير شايلك مطرحك فى القلب\وأزوق ليلى واتزوق لأجمل وعد \وأدوبلك فى شرباتى شفايف الورد\وأقولك دوق حلاوة القرب بعد البعد \أنا أنا بستناك.
وتطول لحظات الانتظار ولهيب الشوق والتساؤل متى يصل الحبيب، وتظل حائرة بين الشباك فرحا وشوقا لقضاء أجمل ليلة حب مع حبيبها وأغلى من روحها.