توقفت كثيراً وكثيراً جداً أمام ما ذكره اللواء بحري محسن حمدي عضو وفد مفاوضات السلام بواشنطن برئاسة الرئيس الراحل أنور السادات ورئيس اللجنة العسكرية للاشراف علي الانسحاب من سيناء ورئيس وفد حل مشكلة طابا مع الوفد الإسرائيلي.
الرجل قال بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء يوم 25 أبريل "أصعب مشكلة واجهتنا كانت مشكلة وادي طابا" التي قام بها العدو لكي يماطل في العلامة "85" التي كان يريدها داخل سيناء لكي يحتل الجبال ويكشف أرضنا.. والعلامة 27 التي كان يريدها داخل سيناء بمتر و70 سم ورفضت. وهنا استنجد شارون رئيس الوفد الإسرائيلي الذي كان مسئولاً عن تحديد العلامات من الجانب الإسرائيلي استنجد بالرئيس السادات وقال له "جنرال محسن لازم يغير النظارات لأنه هيبوظ المعاهدة عشان 170 سم" فكان رد السادات: "هي كانت أرض أبوه عشان يتصرف فيها.. فسكت شارون.. ويضيف اللواء محسن وهو فخور: لم نتنازل عن شبر واحد.. ولم نؤجر حبة رمل حيث رفضنا طلب موشي ديان تأجير شرم الشيخ لمدة خمسين عاماً ولم نوافق علي أن نحصل علي جزء من النقب مقابل أن يأخذوا جزءاً من سيناء.. لم نسمح بالمساس بالسيادة المصرية علي كامل أراضي سيناء.
يا الله.. لقد توقفت كثيراً وكثيراً جداً أمام هذه الكلمات فرغم خلافي واعتراضي علي بعض ما جاء بمعاهدة كامب ديفيد ورغم معارضتي لسياسات السادات في الانفتاح الاستهلاكي وخلافه وخلافه ورغم.. ورغم.. إلا أنني اليوم أسجل فخري واعتزازي بمواقف هذه النوعية من الرجال المحترمين اللواء محسن حمدي الذي رفض كل محاولات العدو.. والسادات الذي رفض التفريط في 170 سم قائلاً هي كانت أرض أبوه عشان يتصرف فيها".. 170 سم يا حضرات.. نعم 170 سم وليست جزيرة أو جزيرتين أو مساحات شاسعة 170 سم.
هل فقدت مصر أمثال هؤلاء.. هل ضاعت تلك القيم.. ماذا حدث ونحن نشاهد ونسمع عن محاولات تتم للتفريط في تيران وصنافير وماذا نقول ونحن نسمع من يقول إنها ليست أرضنا ونحن الذين دفعنا من أرواح أبنائنا وأشقائنا الكثير حتي نستردها؟!
بكل أمانة الكلمات لا تسعفني ماذا أقول وما هذا العصر الذي أعيش ونعيش فيه.
ينتابني للأسف شعور غامض وخوف ما بعده خوف علي مصير الجزيرتين خاصة أن البروفات المتكررة من مجلس النواب توحي بما لا يحمد عقباه.
إن ما شهدناه ونشهده يوحي بفصل مأساوي جديد.
حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.