المساء
أحمد سليمان
أهلاً قداسة البابا .. في أرض السلام والمحبة
شعرت بالأمس أن شياطين الإرهاب والتطرف صُفدت في مصر واختفت آثارها. وخسرت الكثيرين من مؤيديها في العالم بعد وصول البابا فرانسيس بابا الفاتيكان القاهرة. والحفاوة البالغة التي استقبله بها الرئيس السيسي وفضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا تواضروس والتي تنم عن تقدير واحترام بالغين يحملانه له كل مصري سوي. نقي. مؤمن برسالات الأنبياء أجمعين. تنم عن تقدير واحترام للبابا بوصفه ممثلاً للديانة المسيحية التي تحظي بالتقديس من المسلمين والمسيحيين علي السواء. بعيدًا عن أصحاب التوجهات المنحرفة. والأصوات النكرة. والفتاوي الشاذة. والحناجر المسمومة. والعقليات المتخلفة المنغلقة علي أفكار تنبذها كل الديانات السماوية "اليهودية والمسيحية والإسلام" علي السواء.
بالأمس كانت الأرض مهيأة لخروج رسالة السلام من أرض السلام. كانت المشاعر فياضة بين كل المشاركين في اللقاءات التي حضرها قداسة بابا الفاتيكان سواء في قصر الاتحادية. أو في اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي مع البابا وفضيلة شيخ الأزهر بفندق الماسة. أو في حضور البابا مؤتمر الأزهر العالمي للسلام بقاعة المؤتمرات لجامعة الأزهر. أو في زيارة البابا للكنيسة البطرسية بالعباسية ولقائه قداسة البابا تواضروس. وبدت مصر وكأنها عروس تزينت وهي تبعث برسالة محبة وسلام من أرض المحبة والسلام لكل البشرية في كل بقاع الأرض.
من تابع كلمات الرئيس السيسي وفضيلة شيخ الأزهر وقداسة بابا الفاتيكان. وقداسة البابا تواضروس يلمس تلك المشاعر الفياضة المتبادلة التي حملتها الكلمات وعبرت بصدق عن طبيعة المصريين مسلمين وأقباطًا ووشائج المحبة التي جمعتهم علي مر العصور. كما حملت مقياسًا مهمًا لمقدار الحب الذي يحمله البابا فرانسيس لمصر وأرضها الطيبة وشعبها المبارك. وسعادته بالزيارة الكريمة والحفاوة التي استُقبل بها في مصر من كل أبناء الشعب الطيب المسالم المسامح الكريم الصبور المحب للغير والخير. الكاره للعنف والقتل وسفك الدماء.
أهلاً قداسة البابا فرانسيس علي أرض مصر الطيبة. أرض السلام والخير والمحبة. أرض الأزهر الشريف. والكنيسة المقدسة.
أربع كلمات أسترشد بمقتطفات منها تحمل رسائل للداخل والخارج وأصحاب الأفكار الهدامة والإعلام الأجير الفاسد. كما تحمل من البلاغة والفصاحة ما يرهق معاقي الفكر من الإعلاميين الموتورين الذين يهاجمون مؤسسة الأزهر ليل نهار. ويعجزون أن يأتوا بمعشار ما جاء في كلمة فضيلة شيخ الأزهر.
قال الرئيس السيسي من بين ما قال خلال كلمته في حضور البابا فرانسيس: "علي مر العصور كانت هذه الأرض المباركة حاضنة للتنوع الحضاري والديني والثقافي وموطنًا لشعب طيب الأعراق. يؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع. وبأن رحمة الخالق عز وجل تسع البشر جميعًا من كل الأجناس والعقائد. وعلي هذه الأرض وجد السيد المسيح عليه السلام والسيدة مريم العذراء الأمن والأمان والسلام. وطافا بأرجائها. محتمين بها من بطش وبغي "هيرودس". وكانت مصر كعادتها دومًا. ملاذًا آمنًا وحصنًا رحيمًا. لقد كانت إعادة إطلاق حوار الأديان بين الكنيسة الكاثوليكية ومؤسسة الأزهر الشريف خطوة تاريخية سيكون لها في تقديرنا أبلغ الأثر في تعضيد جهودنا من أجل تجديد الخطاب الديني. وتقديم فكر ديني مستنير. يعيننا علي مواجهة التحديات الجسام التي تشهدها منطقتنا والعالم بأسره من حولنا.. ان الأزهر الشريف بما يمثله من قيمة حضارية كبري. وما يبذله من جهود مقدرة للتعريف بصحيح الدين الإسلامي وتقديم النموذج الحقيقي للإسلام إنما يقوم بدور لا غني عنه في التصدي لدعوات التطرف والتشدد ومواجهة الأسس الفكرية الفاسدة للجماعات الإرهابية".
وقال فضيلة شيخ الأزهر من بين ما قال موجهًا حديثه للبابا فرانسيس: "تحية خالصة من الأزهر الشريف ومن مجلس حكماء المسلمين لحضرتكم. ممزوجة بالشكر لاستجابتكم الكريمة وزيارتكم التاريخية لمصر وللأزهر الشريف. هذه الزيارة التي تجيء في وقتها تلبية لنداء الأزهر وللمشاركة في مؤتمره العالمي للسلام. هذا السلام الضائع الذي تبحث عنه شعوب وبلاد وبؤساء ومرضي. وهائمون علي وجوههم في الصحراء. وفارون من أوطانهم إلي أوطان أخري نائية لا يدرون أيبلغونها أم يحول بينهم وبينها الموت والهلاك والغرق والأشلاء والجثث الملقاة علي شواطئ البحار في مأساة إنسانية بالغة الحزن. ولا يزال العقلاء وأصحاب الضمائر اليقظة يبحثون عن سبب مقنع وراء هذه المآسي التي كتب علينا أن ندفع ثمنها الفادح من أرواحنا ودمائنا. فلا يظفرون بسبب واحد منطقي اللهم إلا سببًا يبدو معقولاً ومقبولاً. ألا وهو تجارة السلاح وتسويقه. وضمان تشغيل مصانع الموت والإثراء الفاحش من صفقات مريبة تسبقها قرارات دولية طائشة. ولا حل فيما يؤكد عقلاء المفكرين في الغرب والشرق إلا في إعادة الوعي برسالات السماء وإخضاع الخطاب الحداثي المنحرف لقراءة نقدية عميقة تنتشل العقل الإنساني مما أصابه من فقر الفلسفة التجريبية وخوائها وجموح العقل الفردي المستبد وهيمنته علي حياة الأفراد وألا يكون طور ما بعد الحداثة مقصورًا علي مجرد تجميل هذه المذاهب وترقيعها بفلسفات الخيال والوجدان. ولا مفر من إعادة صياغة كل ذلك في سياق المؤاخاة والتراحم أولاً. وهذا السياق هو بمثابة ترياق يضخ الحياة في المذاهب الفلسفية والقوالب العلمية والعملية الجامعة. وإن هذا الترياق لا يوجد إلا في صيدلية الدين والدين وحده. وفي اعتقادي أن الأرض الآن أصبحت ممهدة لأن تأخذ الأديان دورها في إبراز قيمة السلام وقيمة العدل والمساواة واحترام الإنسان أيًا كان دينه ولونه وعرقه ولغته".
أما البابا فرانسيس فقد بدأ حديثه في مؤتمر الأزهر بعبارة "السلام عليكم" باللغة العربية مما استدعي التصفيق الحاد من كل الحاضرين في القاعة. ثم قال من بين ما قال أمس: "إنني سعيد للغاية لتواجدي في مصر أرض الحضارة النبيلة والعريقة. والتي مازلنا حتي اليوم ننبهر أمام آثارها التي تصمد في هيبة وجلال وكأنها تتحدي العصور. وأكد أن العديد من الآباء البطاركة عاشوا في مصر. وقد ورد اسمها عدة مرات في الكتاب المقدس. وفي أرض مصر كشف الله عن صورته لموسي فوق جبل سيناء. وعلي أرض مصر وجدت الملجأ والضيافة الأسرة المقدسة. مشيرًا إلي الضيافة التي قدمت للعائلة المقدسة بحفاوة قبل ألفي عام وإن مصر التي أنقذت الشعوب الأخري في زمن يوسف من المجاعة مدعوة اليوم لأن تنقذ هذه الشعوب من مجاعة المحبة والأخوة. مشيرًا إلي أن مصر مدعوة لإدانة وهزيمة كل أشكال العنف والإرهاب وإنها مدعوة لتقديم قمح السلام لجميع القلوب الجائعة لتعايش سلمي لعمل كريم وتعليم إنساني".
وقال البابا تواضروس أمس: "إن مصر واحة سلم. والمصريون يظهرون دائمًا وقت الأزمات وكل حادث إرهابي يثبت أن شعبنا يد واحدة في مواجهة الإرهاب. وأكد البابا أن في مصر دائمًا يعيش المسيحيون والمسلمون جنبًا إلي جنب".
هذه هي مصر. وهؤلاء هم المصريون. أما من عداهم ومن عاداهم فليخرجوا منها غير مأسوف عليهم إلي جهنم وبئس المصير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف