الأهرام
سكينة فؤاد
الشباب ومؤتمرهم.. و«مهران» بورسعيد
أرجأت ماكنت أريد أن اكتبه عن وقائع مهمة حدثت فى مؤتمر الشباب الثالث لأتناول ما أراه أهم إنجازات المؤتمر وبداية حقيقية لإدخال الشباب فى إدارة بلدهم وتأمين حاضرها ومستقبلها وأقصد به قرار الرئيس بتكليف مجموعة الشباب الذين قدموا جلسة محاكاة الاقتصاد المصرى بتكوين مجموعة تحفيز ومتابعة لأداء مؤسسات الدولة لتطبيق الأفكار والرؤى والمقترحات التى طرحوها فى الجلسة وقدموا فيها قراءات علمية وتحليلات بالغة الأهمية لإيجابيات وسلبيات إدارة مؤسسات الدولة خاصة الاقتصادية. أعترف أننى أثناء الاستماع لهم تمنيت استثمار ما يطرحونه من فكر ليكون شريكا فى إيقاف تردى أداء مؤسسات الدولة، وعلى مستوى جميع تقسيماتها ووحداتها ومكوناتها والتى قدم الرئيس أصدق توصيف لها فى المصارحة المهمة التى توجه بها للشعب مساء الاربعاء. عندما أعلن أن الخلل موجود فى كل مؤسسات الدولة ثم أضاف فى جلسة محاكاة الاقتصاد المصرى وصفا لا يقل كشفا للواقع المؤلم «أن المسئول ما أن يدخل الوزارة حتى يغطس ولا يظهر مرة ثانية!!!» من المؤكد أنه يغرق فى موروث المشكلات التى تركت بلا حلول ويدفن فى متاهات البيروقراطية ومتاهات الفساد ويزداد الطين بلة بأن يكون المسئول فى الأصل بلا كفاءة أو صلاحيات للمنصب الذى أختير له فى الأغلب بتوافر الصلاحيات الأمنية!!

حرص الرئيس على أن يحمى مهمة هذه المجموعة من الشباب بالعمل فى إطار جهاز من أهم وأكفأ وأكثر المؤسسات أمانة على مصر فى هذه المرحلة وهو جهاز الرقابة الإدارية بأذرعه الممتدة فى جميع مؤسسات الدولة.. أتمنى على الشباب المحترم المكون لهذه المجموعة والمكلف بهذه المهمة بالغة الخطورة للتقييم والتقويم أن يتمسكوا بنجاح تجربتهم فى إحداث تحولات جذرية فى مقومات ادارة مؤسسات بلدهم وعلاج تركة الامراض الثقيلة التى ترزح تحتها، وفى مقدمتها البيروقراطية والفساد والتخلف وأثق أنهم يعرفون ويتوقعون ماسيواجهون به من مقاومة من فساد وتخلف متجذر يحتمى ويتحصن بالقانون وأتمنى أن يحرصوا على أن يظل الطريق مفتوحا بينهم وبين الرئيس فما أكثر الذين سيحاولون قطع طرق الاتصال والوصول بالحقائق والوقائع المخزية وما أكثرها!! وما أكثر المسئولين «الغرقي»..!! الذين سيحاولون أن يشدوهم معهم إلى أعماق محيط الفشل!! خاصة أن الفساد والفسدة يخوضون معركة شرسة للبقاء لإدراكهم أن الدولة تخوض حربا حقيقية ضدهم وأثق أن مشاركة الشباب فى قيادة هذه الحرب ستكون بداية تفكيك شبكاته وتحرير مصر منه.

> أدعو الله أن يحقق تفاؤلى بأن يكون استثمار هذه الأجيال الواعدة وفكرها المتطور والمتقدم بداية لتحولات حقيقية تنقذ المصريين من مسئولين جلس بعضهم على منصات المؤتمر يواصل بلا خجل إطلاق تصريحات وردية لا علاقة لها بمعطيات ومعاناة الواقع ودون أن يعلنوا عن إنجاز واحد!! والزراعة مثال مؤلم أكدته تساؤلات الرئيس إلى الوزير الذى لم يجب على سؤال واحد منها وأسباب عدم إنجاز مجتمع واحد من المجتمعات المتكاملة!. وحديث الوزير عن النسب المؤسفة التى يصل اليها استيراد محاصيلنا الاستراتيجية وجميع مستلزمات الأمن الغذائى والتى وصلت فى بعضها الى 80و90%.. ونسى الوزير أنه كان يرأس مركز البحوث الزراعية ولم يقل لنا هو وزملاؤه ومن سبقه من مسئولين عن الزراعة من وضع مصر بكل ما وهبها الله من امكانات وثروات فى فلاحيها وأرضها ومياهها وتاريخها، الزراعى على رأس قوائم مستوردى غذائهم، ولقمة عيشهم؟!

> هذا النوع من المسئولين «الغرقي» والذين أغرقوا المصريين معهم.. التفسير لكثير من غضب ومعاناة الملايين الذين أثبتوا فهمهم وإدراكهم لما اضطرت اليه الدولة من اجراءات اقتصادية قاسية عليهم، وأنها ما كانت لتقدم عليها اذا اتيحت سبل أخرى لمواجهة التركة الثقيلة لعشرات السنين من الهدم والتجريف لمقومات الدولة ومؤسساتها والتى أدت الى الأرقام والمعدلات والنتائج الخطرة التى كانت من أهم ما قدمته المكاشفات التى عرضتها ندوات المؤتمر فى إطار إبراز حجم التحديات والمهددات التى تواجهنا والتى يستهين بها البعض ويشكك آخرون!

للأسف أنه مع إدراك الملايين من الارصدة الشعبية لدولة 30/6 للضرورات التى وضعت القرار السياسى بين خيارين.. الأقسى والاكثر قسوة واستعدادهم لكل تضحية يتطلبها الحفاظ على بلدهم.. انتظروا سياسات واجراءات تحمل الأعباء والآثار المؤلمة للقرارات الاقتصادية ـ الأقسى للأقدر على تحملها وما أكثرهم!! المدهش أن مقترحات لتخفيف هذه الآثار وما أكثرها.

أيضا الآثار المؤلمة وسياسات التخفيف وعرض بعضها مسئولون فى المؤتمر ولم يقولوا لنا لماذا لم ينفذوها فى إطار برامج العدالة والحماية الاجتماعية مثل الاقتطاع من دعم الكهرباء والبترول لصالح الفئات الأولى بالرعاية!! وغيرها الكثير من الاجراءات مثل ضبط الأسعار والأسواق وإنهاء الاحتكارات.

لقد انعقد المؤتمر فى ذكرى تحرير سيناء حيث تجليات تضحيات المصريين بالدماء والأرواح دفاعا عن أرضهم وكرامتهم ـ فهل يعز عليهم أن يقدموا جميع التضحيات وفى مقدمتها المزيد من تاريخهم الطويل مع الصبر والاحتمال والعمل تحت أقسى الظروف والشروط التى تستوجب مكافأة الملايين الأكثر ألما ومعاناة بجميع أشكال المعاونة والتخفيف ليس من أجل إيقاف اتجار تجار الدم وجماعات الغدر والكراهية بها كما يحدث وبأحط وأدنى أشكال المتاجرة بالألم المصرى ولكن احتراما لآلام وأوجاع الملايين التى تؤكدها توجيهات لم تتوقف من الرئيس للحكومة والتى للأسف تبدو الاستجابة لها غائبة عن إدراك مدى ضرورتها وأهميتها رغم ما طرح من رؤى ومقترحات لتحقيقها من خبراء ومتخصصين من مختلف التوجهات الوطنية.

> وبمناسبة انعقاد المؤتمر فى ذكرى تحرير سيناء فقد تم تكريم رموز من أبطال المقاومة الشعبية وقواتنا المسلحة والشرطة فى مختلف حلقات النضال والمقاومة والنصر ـ ومهما قدمنا من تكريم لهم فسيظل عطاؤهم لبلادهم وتضحياتهم وبطولاتهم أكبر وأعظم.. واحترمت بشدة عتاب ابنة من سيناء لغياب البطولات السيناوية التى لم تغب أبدا عن المشاركة فى هذه المعارك.. أيضا أرجو ألا نكون قد نسينا أن نذكر بين أبطال 1956 ابن بورسعيد وبطلها الحاج محمد مهران الذى لم يكن قد تجاوز السابعة عشرة أثناء الغزو الثلاثى البريطانى والفرنسى والصهيونى للمدينة... وفى الأيام الأولى للمعركة شارك مع مجموعة من مجموعات المقاومة الشعبية العشر فى القضاء على فرقة مظلات انجليزية حاولت أن تتسلل للمدينة من خلال منطقة الجميل، وتم أسره بعد نفاد آخر رصاصة فى بندقيته... ونقله الغزاة إلى قبرص حيث ساوموه على عدم حرمانه من بصره مقابل أن يدلى بكل ما لديه من معلومات عن الفدائيين ـ وأيضا أن يقوم بالهجوم على الرئيس جمال عبد الناصر والتطاول عليه.. فرفض البطل ابن السابعة عشرة ـ مهران بورسعيد.. واستسلم للجراحة ونزعوا القرنية ليبصر بها أحد ضباطهم وظل مهران بورسعيد من أيام معركة ونصر 1956 فاقدا للبصر يرى بعيون محبته لبلاده... مقدما نموذجا من فيض وعظمة بطولات وتضحيات أبناء هذا الوطن فداء لأرضه وكرامته وحريته... وإذا كان قد منعه مرض أو ظروف خاصة فى هذا العمر المتقدم أطال الله فى عمره عن عدم الحضور فكان يجب أن يكون اسمه وتكريمه فى مقدمة من عظموا قيمة المؤتمر بتكريمهم... وأدعو ابن بورسعيد ومحافظها لواء عادل الغضبان أن يقدم لبطل بورسعيد محمد مهران وسائر أبطالها «الحقيقيين» واجبات وفروض الرعاية والتكريم.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف