بعث المهندس حافظ السعيد حافظ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة رسالة إلي الأستاذ سامي حامد رئيس التحرير يقول فيها: "طالعت بمزيد من الاهتمام ما نشر في جريدتكم الموقرة.. حيث كتب الأستاذ محمد جبريل في عموده "ع البحري" تحت عنوان "اغتيال الخضرة" شاكياً من اغتيال الخضرة والحدائق في مصر الجديدة. يرجي التكرم بالإحاطة أن هذه الحديقة تسمي مربع أمازيس "أشكر السيد رئيس الهيئة علي تعريفي ما كنت أجهله". وتطل علي شارع عبدالحميد بدوي أمام ملاعب الاسكواش والسيرك. وقد تم تقليم وتهذيب الأشجار والنجيل والأحواض. وتم زراعة بعض من نباتات الصبار واليوكا في المناطق التي ليس بها نجيل. وتم تركيب محابس جديدة. والري متوالي. وتم رفع كفاءة هذا المربع بالكامل. وإنهاء أسباب الشكوي".
هذا هو نص كلماته.. والحق أني ترددت في نشر الرسالة. أو إرجاء نشرها. توقعت أن تكون رسالة المهندس حافظ استباقاً لما تعده هيئة النظافة من "رفع كفاءة حديقة مربع أمازيس بالكامل. وإنهاء أسباب الشكوي".
ولأني أفترض حسن النية. وجدية التلبية. وأحرص علي عدم تصيد الأخطاء. وتوجيه الإدانة قبل التعرف إلي ما قد يكون مضمراً من الملابسات. فقد آثرت إرجاء نشر الرسالة. والتعقيب عليها بالتالي. حتي أتبين أن أسباب الشكوي قد زالت بالفعل. وأن اغتيال الخضرة يلغيه عودة الخضرة إلي الحديقة. بالاضافة إلي تعويضها عن النقص الذي تعانيه في الأشجار والنجيل والأحواض. وفي المحابس التي تضمن رفع كفاءة الري.
مر يوم. وأيام. والحال علي ما هو عليه. لا جديد. ولا إضافة. ظلت الحديقة رئة وحيدة. معطوبة. بتأثير الإهمال المتعمد. فالموت يشمل الأشجار والخضرة. والمقاعد الرخامية منزوعة. أو محطمة. والحنفيات مسروقة. وأعمدة النور مطفأة. ولاتزال الحديقة موضعاً للقاءات المدمنين. وللسرقات المستترة بالظلمة للمارة والسيارات.
أذكر أني أشرت إلي تخوف السكان من أن تأتي آلات الحفر. تلتهم الخضرة التي كانت جزءاً من دواعي سكني البنايات. لتحل بدلاً منها صفوف خرسانية جديدة. من السهل إنشاؤها في الصحراء الممتدة. أردفت التخوف بعرض الأهالي علي رئاسة الحي أن يدفعوا مقابلاً شهرياً لتسترد الرئة الوحيدة عافيتها. وتعود ـ كما كانت ـ متنفساً لأبناء المنطقة. لكن رئاسة الحي اعتذرت عن قبول العرض.
لأن رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة فضل أسلوب "كله تمام" للرد علي ملاحظتي التي تستهدف التقويم. وليس البحث عن المآخذ. فلعلي أعاود تقديم عرض أبناء المنطقة بأن يدفعوا مقابلاً شهرياً لتسترد الرئة الوحيدة عافيتها.
إذا أصر المهندس حافظ علي رفضه. فإن التصور الوحيد أن ما تسعي إليه الهيئة هو فرض التبوير علي الحديقة. لسبب لا نعرفه. وإن عرفه مسئولو الهيئة!