الجمهورية
فريد إبراهيم
اسئلة الإمام والفردوس المفقود
كنت أتصور ان اسئلة الإمام الأكبر الحائرة ستنتهي فيما عرضه فضيلته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر السلام العالمي حول التناقضات البشعة في التعامل مع الإسلام حيث يلصق به ما يفعله بعض أشياعه وما لم يفعلوه دون أن يتهم أحد أي دين آخر وهكذا في انفصام غريب وازدواجية مقصودة وممنهجة في التعامل مع هذا الدين الذي أول ما أقر من قواعد هو حق الآخر في الاعتقاد والحرية والمواطنة لهم ما لنا وعليهم ما علينا.. لكن هموم الإمام لا تتوقف عند ما يواجهه الإسلام من ظلم بيّن واثماً تتجاوزه إلي حالة التناقضات العالمية فرغم ما وصل اليه العالم من تحضر إلا أن الفقراء والمرضي والمشردين والموتي علي الشواطيء والهاربين من الحروب في ازدياد دائم بسبب تجارة السلاح وتسويقه وضمان تشغيل مصانع الموت والإثراء الفاحش من صفقات مريبة تسبقها قرارات دولية طائشة.
استغرب الإمام من حدوث هذه الكوارث والإبادات الجماعية للشعوب في قرن يصفونه بالتحضر والرقي وحقوق الإنسان والتقدم العلمي والتقني الهائل ومؤسسات السلام ومجالس الأمن وتجريم استخدام القوة والتهديد بها في العلاقات الدولية. بل عصر المذاهب الاجتماعية والفلسفات.. والسؤال كيف أصبح السلام العالمي الآن مع كل هذه الانجازات هو الفردوس المفقود.. ؟ كيف شهد عصر حقوق الإنسان من الأعمال الهمجية ما لم يشهده عصر من قبل.. ؟
لم يترك الإمام الأسئلة دون اجابة وانما عرض وجهة نظره متوقعاً أن يوافقه الحضور عليها ألا وهي تجاهل الحضارة الحديثة للأديان الإلهية. وقيمها الخلقية الراسخة منبهاً إلي أهمية تنقية صورة الأديان مما علق بها من فهوم مغلوطة وتطبيقات مغشوشة وتدين كاذب إذا ما عدنا اليها لمواجهة هذا الانجاز العالمي في العلاقات.
والإمام في تفسيره أصاب كبد الحقيقة لأن الإنسان عندما ألقي بقيم الدين خلف ظهره صار يتحرك بلا سقف يكبح غروره ويوقف نزواته التي يؤججها ما يتملكه يوماً بعد يوم من قوة علمية تغريه بمزيد من الاستكبار ومزيد من الجور ومزيد من استعباد الآخرين والاستهانة بهم فلا خوف من محاسب يقف أمامه يوماً ما يسأله عما ارتكب من ذنوب ولا ضمير يقلقه كلما خلد إلي نفسه متذكراً ما فعل.
ذلك لأن أولئك الذين يقودون العالم نحو مصيره المقلق ويذيقون أبناء هذا الكون ويلات غرورهم وجموحهم تربوا بعيداً عن كابح الدين وتعاملوا مع هذا الكون باعتباره بلا صاحب أو مالك قد يغضب لما يرتكب فيه بل تصرفوا وكأنهم في موقع صاحب هذا الكون فعبدوا ذواتهم من دون الله ولا يعني ذلك انهم لا يؤمنون بإله يقدر ما يعني تصورهم كما يقول بعضهم ان لله شأناً آخر غير تصريف هذا الكون وبكلام آخر ان الله خلق هذا الكون ثم تركه لمخلوقاته علي حد قول بعضهم. تري هل يختلف هذا التصور عن منطق الغاب.. ؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف