المساء
مؤمن الهباء
العدو الإسرائيلي
أجمل ما كان في احتفالاتنا بأعياد تحرير سيناء أنها أعادتنا لأيامنا المجيدة.. وذكرتنا بأروع لحظات ومراحل تاريخنا.. وأعادتنا لأجواء النصر والشموخ.. عندما كانت لنا قضية قومية كبري عليها إجماع وطني.. وكنا شعبا واحدا قبل أن تتفرق بنا السبل ونتوه بين الانتماءات وتدب بيننا الفتن.. كان مجتمعنا بصحة جيدة.. لم يكن عندنا تطرف وإرهاب وجماعات تحمل السلاح.. ولم يكن عندنا فساد للركب.. كان لنا عدو واحد محدد هو العدو الإسرائيلي.
ذكرتنا أعياد تحرير سيناء الحبيبة بأننا دفعنا ثمنا غاليا من أجل تحرير أرضنا.. ضحينا بأرواح الملايين لنسترد الأرض السليبة.. ووفرنا من قوتنا لكي نحقق الصمود القوي في المعارك المتتالية.. ولذلك فإن هذه الأرض ستظل عزيزة علينا.. لا يمكن التفريط في حبة رمل واحدة من رمالها المقدسة التي ارتوت بدماء المصريين.
وذكرتنا أعياد تحرير سيناء الحبيبة بالقادة العظام الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. حاربوا وانتصروا وكتبوا أسماءهم في أشرف سجلات الوطن.. سجلات الخلود.. والله يشهد أننا ما نسيناهم أبدا.. كيف ننساهم وهم الذين وهبوا لنا الحياة.. ورفعوا رأسنا بين الأمم من بعد الهزيمة والانكسار.. إنهم أيقونة جيش الكنانة العظيم.. خير أجناد الأرض.. منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر.. أمد الله في أعمارهم ومتعهم بالصحة والسعادة.
عندما نقرأ لبعضهم اليوم وهم يتحدثون عن المواجهات العسكرية في ميادين المعارك.. ويسمون العدو باسمه الصحيح والحقيقي "العدو الإسرائيلي" و"العدو الصهيوني" نعرف كيف كانت عقيدتهم سليمة وتوجهاتهم واضحة المعالم خالية من التشوش والتداخل والاضطراب.. لذلك كانوا شجعانا وانتصروا.
مما يؤسف له أن الجسد المصري كان قويا متماسكا في زمن الحرب.. لكن مناعته وهنت في الزمن المسمي بـ "زمن السلام" فهاجمته الفيروسات من كل جانب.. وأثرت كثيرا علي ذاكرته.. إلي الدرجة التي دفعت البعض إلي اعتبار العدو الإسرائيلي صديقا وحليفا والبحث عن عدو بديل.. وهو ما يستلزم إجراء عملية غسيل مخ جماعي للشعب المصري من أجل محو ذاكرته - أو تعديلها - وتغيير ثوابته الدينية والوطنية والثقافية.
وتذكرنا أعياد تحرير سيناء الحبيبة بأحد أخطائنا الوطنية الجسيمة.. خطأ إهمال وتجاهل هذا الجزء العزيز من الوطن وتركه فقيرا ضعيفا قاحلا.. يغري العدو الإرهابي بأن يتخذ منه مخبأ ملاذا.. ويغري العدو الإسرائيلي بأن يعتدي عليه ويهدد باحتلاله عند أول نقطة خلاف.. تكاثرت الوعود والتصريحات التي أطلقت لتعمير سيناء لكنها سرعان ما تنسي وتتبخر وتذهب مع الريح.
وجدير بنا أن نعض أصابع الندم علي فشلنا وغفلتنا.. فربما زادنا ذلك حماسا.. ونبهنا إلي ضرورة العمل بجد ونشاط لتحويل أغانينا الوطنية الجميلة إلي خطط ومشروعات تنفذ علي أرض الواقع.
سيناء كانت ولاتزال تمثل الحلم الكبير لأولئك الذين يتطلعون إلي مستقبل أفضل في هذا البلد.. فهي الأرض البكر التي يمكنها بشيء يسير من الجهد ومن المال أن تستصلح وتستزرع وتنتج الخير الوفير لأهلها ولأهل مصر جميعا.. وهي المساحة الشاسعة التي يمكنها أن تستوعب العديد من المشروعات والصناعات.. وتستوعب ملايين البشر من الذين ضاق بهم الوادي والدلتا.. فتساهم بذلك في حل مشكلة التكدس السكاني وفي حل مشكلة العشوائيات من خلال إعادة توزيع السكان علي المناطق الآهلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف