تحرص الشعوب اليقظة علي استثمار كل امكانياتها في تحقيق أهدافها من التنمية والرُقي. ولأنها شعوب يقظة فإنها تنفذ هذا الاستثمار من خلال العلم الذي يضع الخطط المدروسة بعيداً عن العشوائية في التصرف والسطحية في التعامل مع المتاح وبالإفادة بالمتخصصين الحقيقيين فيما تتجه إليه من عمل.
هذه مقدمة مهمة في دعوتي إلي ضرورة استغلال كلمة البابا في تسويق مصر لدي العالم سياحة ومكانة بل في تسويق مصر لدي نفوس أبنائها لاستعادة الثقة للأجيال الناشئة في أن بلادهم هي أم الدنيا حقيقة وليس شعاراً فعليها نشأت أول حضارة ومنها انتشرت وهي نفسها كما قال البابا أنقذت العالم من مجاعة كادت تقضي علي الجنس البشري لولا حكمة هذه الدولة وعمقها الحضاري في زمن كان العالم أقرب في عيشه إلي حياة الغابات.
استعرض البابا ما قامت به بكرم شديد أو لأن الله أرادها لهذه المهمات العظيمة من استقبال سيدنا عيسي وأمه ويوسف النجار لتحميهم من مطاردات أعدائهم وظلوا فيها لمدة ثلاث سنوات واعتقد أن طريق العائلة المقدسة وقصة هروبهم إلي مصر من شأنه أن يكون دعوة سياحية مهمة لدي مسيحي العالم وتستطيع مصر إن شاءت أن تستثمر ذلك بحكمة سياحية. فضلاً عما يتعلق بسيدنا يوسف في مصر وما يذكره التاريخ من أماكن إقامته وأماكن حكمه لمصر وأماكن احتجاز إخوته في منطقة عين شمس حين نادي رجال الملك "أيتها العير إنكم لسارقون".
إذن فإننا إذا ما أخذنا من كلام البابا لتكون نصوصاً تطرح في الدعاية السياحية في الخارج في حديثه عن مصر أتصور أن ذلك سيكون آلية جيدة في جذب السياح المسيحيين. بل إننا نستطيع أن نستغل الزيارة في التأكيد علي ما تنعم به مصر من أمن وأمان ونرد بها علي ما يشاع من إرهاب ينتشر علي أرض مصر في بعض الأجهزة الإعلامية التي تحاول أن أتصور ما يحدث في بعض مناطق سيناء مثلاً يحدث في مصر كلها فتبدو مصر لمن لم يزرها أو يعرفها أنها أرض الخوف والتوجس.. فها هو البابا يزورها ويتنقل فيها دون مشكلة.
فإذا تأملنا تاريخ مصر الإسلامي فإنه يستطيع أن يجذب قلوب أكثر من مليار مسلم فهي الأرض التي بها أكبر عدد من الصحابة وآل رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث مات بعضهم فيها ودفن ونقل رفات البعض الآخر إليها وجبل المقطم شاهد علي ذلك والنماذج أكبر من أن تحصي لأسماء صحابة كان لهم أثرهم في تاريخ الإسلام.. فهل فعلاً نستطيع أن نقدم بلدنا للعالم علي أنه بلد تخص العالم أجمع كما قال البابا "كأنها أرضنا جميعاً".
أعتقد أننا نستطيع أن نفعل ذلك ونستطيع أن نستغل كلماته في التأكيد علي أن الإرهاب له أياديه الخارجية وصناعته التي تتعلق بتجارة الإسلام وليس كما يحاول البعض إلصاقه بالإسلام.