الوفد
عزة أحمد هيكل
خطــــــاب الحـــب
ما أسهل الكراهية وما أصعب الحب لأن الكراهية تهدم وتقوض وتدمر النفوس والأوطان والبشر بينما الحب طاقة ونور ومحبة من المولى تحتاج إلى نفوس عظيمة وكبيرة لتدرك معناها ومغزاها وكيف أن الحب يبني ويعمر ويثمر البشر والشجر والزرع والمطر هذا ما عاشته مصر خلال زيارة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية حين قرر ذلك القس الورع ذو الأصل اللاتيني الأرجنتيني والجنسية الإيطالية أن يمد جسورا من التواصل والمحبة والسلام الحقيقي بين الغرب والشرق.. بين مسيحيي أوروبا وأقباط مصر.. بين أهل الكتاب المقدس وأصحاب القرآن والذكر الحكيم في سابقة أثارت حفيظة وغضب وسخط العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والصهيونية وتصدرت عناوين الصحف في الجارديان البريطانية والواشنطون بوست الأمريكية والإندبندنت تصور تلك الزيارة الروحانية الاجتماعية الثقافية الإنسانية على أنها زيارة لتهدئة وطمأنة مسيحيي مصر وأقباط الشرق أمام الهجمات الداعشية الصهيونية والتي تستهدف المسلمين والمسيحيين على حد سواء.. كتبت العديد من الصحف الغربية والكتاب الكبار أمثال روبرت فيسك متحدثين عن هذه الزيارة بصورة تهكمية ونبرة ساخرة أظهرت ان مصر بذلت جهداً غير عادي في تأمين البابا وأن الطائرات الحربية والدروع البشرية من رجال الأمن والشرطة والجيش أغلقوا الشوارع وحصنوا الطرق المؤدية إلى استاد الدفاع الجوي حتى يضمنوا سلامة الزائر والضيوف وكأن مصر تعيش حالة حرب في ظل الحكم العسكري كما يدعون ويكتبون ويفترون علينا ولن نرضيهم مهما فعلنا ومهما كان لأن الصهيونية العالمية هي المتحكمة في الإعلام أو معظم الإعلام الغربي والأمريكي ومع كل هذا الهراء والهجوم فإن زيارة البابا مست قلوب وعقول ونفوس ملايين المسيحيين في أرجاء المعمورة والكرة الأرضية وتصدرت صور اللقاء الحميم بين شيخ الأزهر أكبر جامعة ومدرسة ومنبر إسلامي وسطي في العالم وقداسة بابا الفاتيكان وأصبح المشهد الأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك لقاء البابا تواضروس رأس الكنيسة القبطية المصرية وفرانسيس من أخطر وأهم اللقاءات وإن كان الميثاق الذي صدر من كنيسة روما مع كنيسة مصر الأرثوذكسية قد تحول إلى مجرد بيان وليس ميثاقاً واتفاقاً موثقاً فإن هذا البيان والخطاب ما هو إلا أولى خطوات طريق الوحدة والتوحد والسلام الحقيقي بين البشر.. قضايا اللاهوت والناسوت وجميع القضايا الجدلية بين الأديان والمذاهب والطوائف الدينية على مستوى العالم يجب أن يتم طرحها للعامة من خلال متخصصين في علوم الدين والفقه وأيضاً علوم الاجتماع والثقافة والتاريخ قبل رجال السياسة لأن السياسة تدمر الأديان وهي أساس الصراع والمذهبية والطائفية منذ بداية الرسالات السماوية.. خطاب الحب هو الخطاب الذي ألقاه البابا وشيخ الأزهر وعلينا جميعاً أن نبعث بهذا الخطاب في التعليم والثقافة والإعلام وعلى المنابر والكنائس.. الله محبة.. متى يخرج قانون يجرم خطاب الكراهية بدلاً من قانون ازدراء الأديان..
دين الناس للناس.. ودين الله لله
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف