عباس الطرابيلى
حملة قومية.. للتقشف الحكومي
في الوقت الذي تطالبنا فيه الحكومة بالتقشف وشد الحزام، حتي وإن كان ذلك بطريق غير باشر، من خلال برنامجها لإلغاء الدعم، أو تخفيضه- لماذا لا نطالب نحن هذه الحكومة ببرنامج قومي للتقشف تلتزم هي به.. حتي تكون قدوة للكل؟!
واعترف- وتعترف الحكومة نفسها- بأنها لم تخفض مصروفاتها.. بل تكاد المظاهر تؤكد أن الدولة ماضية في برنامج غريب للإنفاق الحكومي، الذي يصل إلي حد السفه.. وما يراه الناس- علي أرض الواقع- يؤكد ذلك.. ليس فقط في سيارات آخر موديل، والأكثر فخامة، لكن أيضا في نوعية هذه السيارات.. حتي يقال إننا نمتلك من سيارات المرسيدس، ما لا تمتلكه الحكومة الألمانية نفسها.. وهي الدولة التي تنتج هذه السيارات.. بل يقال إن عدد المرسيدس التي تخنق شوارعنا أكثر مما يجري بالفعل في الشوارع الألمانية- برلين. فرانكفورت. هامبورج.. وأيضا داخل شوارع المدينة التي تحتضن مصانع هذه السيارات.
<< تري: هل نعاني فعلا: شعباً وحكومة من عقدة اسمها «المرسيدس» وأن من لا يركبها.. لم يركب أي سيارة أخري.. وفي هذا الاتجاه لماذا لا نسأل الحكومة عن عدد السيارات التي قامت بشرائها في الأعوام الأخيرة.. وهل صحيح أن كل وزير يترك منصبه يحتفظ بسيارته المرسيدس، الحكومية الرسمية، ولذلك تضطر الدولة إلي شراء غيرها للوزير الجديد.. أم تلك نكتة بايخة نتداولها أو حتي يقتنع المصري أن يصبح وزيراً؟!
ومن مظاهر الإنفاق السفهي المشهود للحكومة.. ما يصرف للوزراء ومن في مستواهم من زيادة المرتبات. والبدلات. ومقابل حضور الجلسات والاجتماعات. وبينما الدول التي تعاني تخفض من رواتب وزرائها.. نجد أننا نزيد هذه الرواتب.. بل وتستمر النكتة تقول إن الحكومة- من شهور- وافقت علي منح معاش الوزير.. للمصري، حتي ولو بقي في منصبه أسبوعاً واحداً.. بينما كان الوزير لا يحصل علي المعاش الوزاري كاملا إذا لم يبق في المنصب مدة معينة.. وكان هذا يسري علي الوزراء.. عندما كانت مصر غنية.. أي نحن نعيش بالمقلوب.. وكل حياتنا.. مقلوبة.
<< وأري أن دعوتنا لحملة قومية للتقشف الحكومي تبدأ من تخفيض مرتبات الوزراء ومن في مستواهم.. بل وأيضا علي المعاشات ومكافآت نهاية الخدمة.. حتي تضرب الحكومة للشعب المثل الأفضل للتقشف.
وهنا لن أطالب: بسيارة شعبية واحدة للوزير.. ومن في مستواه... هذا إن كانت عندنا سيارة شعبية.. ورحم الله د. عزيز صدقي وأطال عمر د. عادل جزارين!! وحكايات الوزراء مع السيارة الشعبية كانت مستخدمة في الصين وكوريا الشمالية... بل والهند وكوبا وغيرها.. تماماً كما كانوا في الصين يرتدون البدلة السفاري القطنية.. وكان للوزير- هناك: بدلة في الصيف وأخري في الشتاء فقط.. فهل نطلب ذلك.. أم يسخر منا كل الوزراء والمحافظين؟!
<< وتخيلوا لو قامت الحكومة ببيع نصف عدد السيارات التي تمتلكها. وليس 90% منها!! مع توجيه حصيلة البيع لتنفيذ أو لإنقاذ أحد المصانع المتعثرة.. والمتعسرة!! وتخيلوا لو قررنا توحيد زي الوزراء والمحافظين أليس ذلك ينقذ مصانع المحلة وكفر الدوار مما هي فيه.
<< هذه فقط بنود بسيطة نبدأ بها البرنامج القومي للتقشف الحكومي.. ثم ننطلق مع كل بنود الموازنة العامة.. في كل البنود.. وأغلب الظن أننا لو نجحنا في التنفيذ بنسبة 25% في المرحلة الأولي.. سوف يغرينا ذلك للمضي قدماً لكي نصل بالتنفيذ إلي نسبة 50%.
وبعدها لو طلبتم من الشعب أن يكتفي بوجبتين غذائيتين فقط.. لاستجاب الناس.. ونفذوا المطلوب. المهم أن تبدأ الحكومة!