التقرير الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بأن مصر تستهلك مخدرات بقيمة 36 مليار جنيه سنويا والتقرير الآخر الذي أعلنه صندوق مكافحة الإدمان بأن المدمنين في عام 2016 استهلكوا 400 مليار جنيه أي ما يعادل ثلث ميزانية الدولة.
هذه التقارير الخطيرة نشرت في الصحف ومرت علينا مرور الكرام ولم يهتم أحد بتبعات هذه التقارير أو آثار هذه المخدرات والجرائم التي خلفتها والشباب والفتيات الذين تحولوا إلي مجرمين يمثلون خطرا داهما علي أسرهم وعلي جميع أفراد المجتمع كم من جرائم ارتكبت من جراء تعاطي المخدرات كم من ضحايا أبرياء راحوا ضحية إجرام المدمنين كم حالة طلاق وقعت بسبب الإدمان كم أسرة شردت بسبب المخدرات كم إنسان منتج تحول إلي عاطل بسبب المخدرات كم جريمة اغتصاب حدثت بسبب الإدمان.
كل هذه التبعيات خلفتها المخدرات والإدمان بأنواعه أما يستحق منا هذا التوقف وبحث الجرائم التي خلفتها المخدرات والخطورة التي تهدد المجتمع.. أما يستحق هذا النظر من جانب البرلمان بدلا من الدخول في صدام مع الهيئات القضائية حول تعديل قانون السلطة القضائية.
أعتقد أن مشاكل المجتمع أهم من قانون السلطة القضائية الذي حصل علي مساحات واسعة من الصراع والمناقشات علي الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة ومازال هذا الصراع قائما بين البرلمان والقضاء ولم ينته الجدل حتي الآن.
هل مجلس النواب اختزل دوره في الجدل علي قانون ولم يلتفت إلي القضايا الهامة التي تؤرق الرأي العام كنت أنتظر من البرلمان أن يناقش هذا التقرير الخطير أو أن أحد النواب المحترمين يطلب عرض هذا التقرير علي البرلمان للتعرف علي المخاطر التي تنتج من وراء المخدرات والإدمان.
لماذا لم يتحرك البرلمان للقضاء علي منابع المخدرات وهل أصبح لدينا ترف إلي هذه الدرجة في أن ينفق الشباب والفتيات 36 مليار جنيه سنويا علي المخدرات إذا كانت الدنيا قامت ولم تقعد عندما أنفقت وزارة الصحة 3 مليارات جنيه علي علاج غير القادرين علي نفقة الدولة في عهد د. حاتم الجبلي وزير الصحة الأسبق حتي أن د. فتحي سرور رئيس مجلس النواب الأسبق قام برفع الحصانة عن عدد من النواب بتهمة قيامهم بمساعدة المرضي في الحصول علي قرارات علاج وصلت قيمتها الإجمالية في عام إلي 3 مليارات جنيه وتم تحويلهم إلي النيابة العامة بجريمة الإنسانية وخدمة المرضي غير القادرين وقام أحد النواب باتهام زملائه بالتربح من وراء هذه القرارات دون أي سند قانوني وراح يسوق الاتهامات للشرفاء رغم أنه حصل علي نصيب الأسد في هذه القرارات التي ساعد فيها المرضي.
وبعد الانتهاء من التحقيقات لم يثبت هناك أي إدانة أو تورط لنواب البرلمان وتبين أن كل قرارات العلاج التي حصلوا عليها لصالح الفقراء ولم يكن فيها أي تجاوز.
تعجبت من هذا النائب الذي مازال في البرلمان وخاصة من أفعاله وتصرفاته المزدوجة فأين هو الآن من تقرير جهاز التعبئة والإحصاء عن المليارات التي تنفق سنويا علي المخدرات لماذا لم يخاطب الجهات عن كيفية دخول هذه المخدرات إلي البلاد؟ وما هي المنابع والمنافذ التي تقوم بالإتجار؟ ولماذا لم يطلب حصر للجرائم التي خلفتها المخدرات؟
علي كل حال إن هذا التقرير الخطير يدق ناقوس الخطر في المجتمع المصري ويطلب منا التدخل السريع لحماية الشباب والفتيات من دمار هذه المخدرات التي أصبحت تمثل عبئا كبيرا علي المجتمع هل لا تستطيع أن تحول هذه المليارات إلي الإصلاح بدلا من تدمير عقول الشباب.
الأغرب من ذلك أن هناك مخدرات رقمية وجماعات التعاطي بمسميات مختلفة عبر حفلات مخصصة لجذب أبناء الطبقة الراقية.. هذه هي القضايا التي تستحق منا الاهتمام في البرلمان وفي الصحافة والقضاء وكل فئات المجتمع وليس قانون الهيئات القضائية.