الأهرام
محمد مصطفى حافظ
الغذاء به سم قاتل
الله بحق هذه الأيام المباركة يلطف بالمصريين فهم أصبحوا يتحملوا ما لا يطيق فرغم الغلاء الفاحش لأسعار غذائهم والذي وصل للفرجة عليه بالأسواق من البعض وإلي التكبير بعد يقظة حلم أكله سمك أو صينة بطاطس بالفراخ أو طاجن خضار باللحمة ، وإن كان تحمل ذلك واجب وطني لما تمر به البلاد حاليًا من مواجهة تحديات داخلية وخارجية اقتصادية بجانب صدرتها لمحاربة الإرهاب، ولكن أن تصبح بعض المنتجات الغذائية والزراعية المصرية محظورة دولية وعربية ومحصورة بين مزيد من الاجراءات الاحترازية والوقائية وتضيع علي مصر ملايين من الدولارات نحن في أشد الحاجة إليها للبناء والتنمية وتنامي الاحتياطي النقدي من التصدير .
وإن يزايد البعض من تآمر دولي علي منتجاتنا المحروسة فكيف يكون من دول جوار ومساندة مسيرتنا إلا أن صحة مواطنيها لها السطوة وأهمية المحافظة والرعاية الواجبة ، غير أنه من الحكمة أن يكون ملف مواجهة الفساد الغذائي يفوق أولويات المحاربة لأنه يغتال حياة البشر والمواطن والذي لا يقدر علي العلاج فتصبح حياته معرضة للخطر وإن أردنا التقييم فتعالوا نراجع دفاتر المستشفيات وشهادات الوفاة ، بالإضافة إلي كم القضايا من ضبط مئات الأطنان من الأغذية والمشروبات المغشوشة ، فنسمع ونشاهد علي الفضائيات ومانشيتات الصحف وعناوين المواقع إكتشاف أطباء ومفتشي الطب البيطري أشهر المطاعم والكافيتيريات تبيع كافة أنواع آكلاتها من لحوم الحمير أو فضلات الفراخ النافقة بأغلي الأثمان ، ومصانع صلصة وعصائر عالمية تبيع منتجاتها من فاكهة وخضروات طازجة ومجمدة فاسدة، وفراخ ملء الأسواق مسرطنة من مزارع غير مرخصة ، غير الأسماك سم قاتل بأمر القانون الذي يحظر إستخدام المياه العذبة النظيفة في ري المزارع السمكية بل حظر إنشائها إلا في الأراضي البور غير الصالحة للزراعة ويقتصر تغذيتها علي مياه البحيرات إما راكدة أو مصارف مجاورة الملوثة بمياه صرف صناعي وزراعي محمل بالمبيدات الضارة بل شديد المرارة أن تتغذي الأسماك علي مخلفات حيوانية نافقة ، ولا فرق بين السمك النيلي والمزارع فكلاهما أصابهما التلوث ويتواصل الغش للمياه المعدنية أو الأصح المعبأة من مياه الحنفية ، وغير ذلك من أشكال الغش الغذائي للألبان ومنتجاتها حتي وصل لرغيف العيش فلا ننسي فطر الإرجوت للقمح المستورد، وزاد الاغتيال للمواطن بالغش الدوائي وتعدي كل متطلباته المعيشية ومختلف حتي للأسف الشديد أصبح يتزايد إخطاره علي السلام والأمن الإجتماعي ، نتيجة صحة عليلة لا تقدر علي العمل والإنتاج وزيادة أمراض سرطان وكبد وفشل كلوي وفيروسات وبكتريا تأكل أجسادنا وتيتم أولادنا وترمل نسائنا وتنزف موارد الدولة .

يا سادة يا كرام قد تقرأ كلاماً صادما لكنها الحقيقة المرة واجبة المواجهة فرغم تعدد مسئولية ١٧ جهة رقابية حكومية علي الغذاء إلا أن معظمها لا تضع سلامته أولوية من مراعاة التتبع الكامل من استدعاء وسحب وتقييم مخاطر وإدارة طوارئ وافتقار الدقة والكفاءة بالمعامل وإزداوجية العمل وصعوبة التراخيص لتعدد الجهات المسؤولة وتردي الرقابة في المجازر والمزارع وعدم تنفيذ الاشتراطات الصحية وتضارب القوانين والتشريعات والتي يتعارض بعضها حتى مع الإتفاقيات والالتزامات الدولية وسلبيات التعامل " فتح دماغك وسلك أمورك" وهو ما لا يحقق السلامة المنشودة في النهاية للغذاء .

ونأمل بعد الاجتماع لمجلس أمناء الهيئة القومية لسلامة الغذاء برئاسة رئيس الوزراء بحضور وزراء البيئة والصحة والتموين والزراعة وجهات كتيرة وتشكيل مجلس الإدارة وتحديد مقر العمل والموازنة الكافية لبدء نشاطه وأداء دوره نتيجة إقرار مجلس النواب قانون سلامة الغذاء رسم سياسة تحفظ سلامة الغذاء وصلاحيته للإستهلاك الآدمي وتنظيم تداوله وتحقيق المعايير الدولية من أجل رفع جودة الصناعات الغذائية المصرية لمنافستها محلياً وإقليميا ثم دولية ، والأهم الحفاظ علي حقوق المستهلك المصري والمنتج ، ولن أيأس من التغيير وأصدق مداخلة تليفزيونية أمس بضبط كبابجي شهير يبيع لحوم حمير أو منع دولة عربية للخضار المصري لزيادة المبيدات فعندنا قانون وهيئة .. بل لن أسمع مذيع بفيلم ينادي" الغذاء به سم قاتل" مع اعتذاري للإبداع السينمائي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف