عثمان الدلنجاوى
الكبد الدهني.. الخطر القادم!!
حققت مصر خلال العامين الماضيين نجاحا ملموسا في مواجهة الالتهاب الكبدي الفيروسي "سي" وهي تجربة تلقفتها المنظمات الدولية وعدد من الدول لدراستها تمهيدا لتطبيقها بالتعاون مع مصر.. لكن ثمة خطرا آخر لايزال يهدد أكباد المصريين. مما دعا المنتدي الدولي الثاني للجمعية المصرية للكبد لإطلاق صيحات مدوية. تحذيرا من انتشار ما يعرف بالكبد الدهني "الناتج عن تزايد معدلات السمنة والدهون الثلاثية والإصابة بمرض السكر" بين نحو 9 ملايين مصري.
وإذا كان نصف المصريين تقريبا مصابين بالسمنة وزيادة الوزن ويعاني 20% من هؤلاء - بحسب د. هشام الخياط أستاذ أمراض الكبد بمعهد يتودور بلهارس - دهونا كبدية ملتهبة. تتسبب في تليف الكبد. ومن ثم حدوث الأورام في النهاية. ندرك أن أكبادنا لاتزال في خطر. وأن هذا النوع من الإصابة مرشح للزيادة مادامت ثقافتنا الغذائية علي حالها. مفرطة في العشوائية. مجافية لروح الصحة. ومادمنا نري ممارسة الرياضة ولو مشيا بصفة منظمة ضربا من الترف لا تسمح به أعباء الحياة. ومادامت الوجبات الجاهزة تستهوي قطاعا واسعا من المصريين ولاسيما الشباب والأطفال.
الدهون الكبدية لم تعد مرضا كامنا. إذ تتطور في نحو 10 إلي 15 عاما لتتحول إلي دهون ملتهبة تتسبب في كارثة الكبد الدهني الذي يعتبره العلماء الوباء القادم. ذلك أن دراسة حديثة أجرتها إحدي جامعات أمريكا تنبأت بأن الكبد الدهني التفاعلي "NASH) سيكون السبب الأول وراء زراعة الكبد في .2020
صحيح أن مصر نجحت نجاحا ملحوظا في علاج فيروس "سي". نجاحا دفع العديد من الهيئات الدولية لطلب الاستفادة من خبرتها والتعاون معها للوصول لعلاجات دوائية فعالة وزهيدة الثمن. حتي أن د. إيزابيل ماير رئيسة الفريق البحثي لفيروس سي بمنظمة الصحة العالمية قالت إنهم يعملون حاليا بالتعاون مع إحدي شركات الدواء المصرية للوصول إلي بروتوكول دوائي جديد لعلاج مرض فيروس سي بتكلفة أقل بكثير مما هو متاح عالميا.. ما يعني أن مصر ليست وحدها المبتلاة بأمراض الكبد بل إن أوروبا وأمريكا أيضا تسارع الزمن لمحاصرة الفيروسات الكبدية. وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية تقريرا ينادي بضرورة التخلص من العدوي الفيروسية بحلول عام 2030. حيث يقدر عدد المصابين بتلك الفيروسات في دول العالم بنحو 325 مليون مريض. بينهم 70 مليون مريض بفيروس سي وحده.
لاتزال أمراض الكبد خصوصا الفيروسية والتهابات الدهون خطرا يواجه المصريين. ويكمن التحدي الأكبر في ارتفاع معدلات الإصابة بالسمنة والكبد الدهني خصوصا بين السيدات. وهو ما يهدد بمضاعفات عديدة من التهابات وتليف الكبد.. الأمر الذي يستلزم تعبئة الجهود والطاقات. واستنفار مراكز التوعية والإعلام لدق ناقوس الخطر وتحذير المصريين وتوعيتهم بضرورة تغيير الثقافة الغذائية النمطية المتوارثة. وضرورة تغيير نمط الحياة وممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي سليم. توفيرا لنفقات هائلة يتكبدها الأفراد وخزينة الدولة في معالجة أمراض خطيرة كان يمكن تجنبها والوقاية منها لو بذلت الدولة مجهودا أقل في التوعية وتوفير الغذاء الآمن.. فالغذاء لم يعد فقط وسيلة لسد الجوع وإنما طريق آمن لحياة أكثر هناءة وصحة وأمانا.