المصريون
خالد الشريف
ليس عيبا أن نتعلم من حماس !
فاجأتنا حماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل بالوثيقة الجديدة التي تعتبر عن تطور كبير في العقيلة الإسلامية التي تتفهم الواقع الإقليمي والدولي المعادي لأي مشروع إسلامي في الوقت الراهن فتسعى من خلال فن الممكن للحفاظ على قوة المقاومة وتتجنب المخاطر بمواجهات خاسرة تبعدها عن هدفها المنشود وهو تحرير التراب الفلسطيني من العدو الصهيوني .. التطور في الخطاب والأداء السياسي تجاه المتغييرات كان ضربة موجعة لمن يتربصون بحماس الدوائر ويسعون لجعلها محل الاستهداف والانتقام ، لقد أدركت حماس أن ما كان يصلح في الثمانينيات من القرن الماضي لا يصلح اليوم فاللوائح ليست أصناما نعبدها والتحالفات بين الكيانات تقاس بمدى فائدتها وانعكاس نجاحها على الواقع فضلا أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ..فحماس كانت تعرّف نفسها بأنها حركة إسلامية وتقول عن نفسها إنها جناح من أجنحة حركة "الإخوان المسلمين" في فلسطين، فإذا بها أمام المتغييرات والأحداث الجسام التي تعيشها المنطقة تبتعد عن الإخوان دون ذكرهم في الوثيقة الجديدة ، أعتقد أن حماس بتخليها عما جاء في ميثاقها تضرب مثلا رائعا في المرونة السياسية والانحناء أمام العواصف حتى لاتستدرج إلى معركة خاسرة ولنا أن نتصور أن حماس الأصغر حجما وعددا من جماعة الإخوان المسلمين والمحاصرة سنوات طويلة في غزة والعالم كله ضدها فضلا عن حرب غير متكافئة تشنها إسرائيل بين الحين والاخر لاتزال صامدة صابرة تلتحف بحاضنة شعبية هائلة في غزة لم تتخل عنها أو تنقلب عليها إنه الاداء الرائع الذي يقدر الموقف ويمتلك توازناً سياسياً وهذا ما تفقده الحركة الإسلامية في مصر التي يغلب عليها الرعونة والعاطفة
حقيقة الوثيقة الجديدة لحماس تعبر عن برنامج سياسي واقعي ينظم الأدوات السياسية تحت مظلة القاعدة الفقهية مالا يدرك كله لايترك جله .
فالوثيقة الجديدة تفتح لها علاقات جيدة مع المجتمع الدولي والعربي بالإضافة إلى تغيير جوهري وكبير في علاقة حماس بالسلطة في مصر والتي ترتبط بها بعلاقة الجوار والامن القومي والتي ستكون سعيدة فيما يتعلق بإعلان حماس عن نفسها أنها حركة تحرر فلسطيني بعيداً عن أي انتماء".
هذا تقدير جيد من قبل حماس للموقف يتناغم مع تطورات الأوضاع في المنطقة العربية لاسيما أن هنالك حديث يدور في المحيط الدولي وأمريكا عن إدراج حركة الإخوان كحركة إرهابية ..


ليتنا نتعلم من حماس التي علمتنا دوما الصمود والمقاومة اليوم تعلمنا مراجعة النفس وتطوير الاليات وفهم الواقع لنواكب العصر والزمان الذي نعيش فيه من أجل تغيير الأوضاع الأليمة التي تعيشها أمتنا
فنحن مطالبون اليوم أكثر من أي يوم مضى بالتطوير ومواكبة العصر فلا نكون جامدين متحنطين فاللوائح والتنظيمات والجماعات ليس أصناما تعبد فيصبح حالنا ينطق بقول الجاهلية الأولى " قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين " .. والثورات مهمتها الأولى هو تغيير الإنسان والواقع الذي يعيش فيه وليست الثورة الجلوس على كراسي الحكم .. فالتغيير يمكن أن يحدث ويكتمل دون تولي السلطة لذلك نقول أن ثورات الربيع العربي لم تفشل كلية رغم أن الثوار الذين قاموا بها مابين سجين وطريد وشريد لأن هذه الثورات غيرت الانسان وأنماط حياته إلى حد ما ومازال التفاعل مستمرا فالناس لم تنس عبير الحرية وتتشوق للعدالة والعيش الكريم .. فمعركة التغير داخل الانسان لاتزال مستمرة ويمكن أن تثمر وتنضج بعد سنوات عدة وهذا ما حدث مع الثورة الفرنسية
فنجاح عملية التغيير يتطلب مواكبة العصر الذي يؤمن بالتخصصية والتكامل وليس بعبودية التنظيمات والكيانات المحنطة التي أضرت بواقعنا السياسي أكثر مما أفادتنا ..وقدمت الانتحار السياسي على النجاة وحقن الدماء ساعة الهزيمة السياسية ..فهاهي حماس تعطينا درسا في ضرورة الانحناء للعاصفة والحفاظ على القوة وقد باتت حماس أقرب إلى حركة المقاومة للصهاينة منها إلى حركة حماس الأيديولوجية، التي ترتبط بحركة الإخوان".

.حماس في وثيقتها الجديدة لم تتخل عن ثوابتها الوطنية، ولم تعترف بإسرائيل رغم موافقتها على قيام دولة فلسطينية ضمن حدود 67، ولم تتنازل عن حق اللاجئين في العودة فلا بديل عندها عن المقاومة لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر .. ليتنا نتعلم خطابا سياسيا واعيا يجمع كل أطيافنا السياسية ويعتمد شراكة وطنية لاتقصي أحدا من أجل إنقاذ مصر والخروج بها إلى بر الأمان .. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف