سوزان حرفى
ممدوح حمزة والحركة الجديدة
ليس من العسير القول إن مصر تمر بظرف حرج على جهات عدة، فهي تخوض حربا ضد إرهاب الإخوان وأتباعهم، وتواجه تربص دول عربية وإقليمية بها، وتعاني وضعا اقتصاديا خانقا بدرجة باتت أكثر من محسوسة.
لكن بين كل هذه التحديات المصيرية تبقى إدارة أجهزة الدولة لهذه الأزمات هي الأزمة الأكبر، فلا يوجد بينها مَّن يؤدي ما عليه بما يليق وحجم ما تمر به البلاد من مخاطر.
وكالمعتاد تسجل الأحزاب السياسية التقليدية وتلك التي تأسست بعد ثورة يناير فشلا لا يضاهيه فشل، فتراها وكأننا في حالة من الركود بل والجمود الذي لا يتوافق أبدا مع تسارع الأحداث وتلاحقها، وهو عامل في زيادة حالة الاحتقان الشعبي وتغذيتها.
هذا الوضع دفع بعدد من الناشطين للعمل على تكوين «حركة»، «تيار»، «جبهة»، «تحالف» أو أي مسمى كان، وذلك لملء فراغ سياسي يزداد يوما بعد آخر، ولخلق توازن مطلوب بين الحكم والمعارضة السياسية الغائبة.
في هذه الأجواء ذهبت لتجمع دعا إليه المهندس «ممدوح حمزة» في شم النسيم بمزرعته بقرية «العطف» (خمسين كيلومترا جنوب القاهرة)، وذلك بصحبة الرائعة «نور الهدى زكي»، رئيس تحرير جريدة «العربي» سابقا؛ أرملة الراحل المميز «محمد السيد سعيد»؛ والراقية الدكتورة «راوية كرشة» مسؤول تنسيقية نساء مصر؛ زوجة السياسي البارز والوزير الأسبق الدكتور «حسام عيسى».
كان الحضور سياسيا بامتياز، من مرشح سابق لرئاسة الجمهورية، إلى رموز المعارضة لنظام مبارك، وعدد من شباب الثورة ورؤساء أحزاب، إلى جانب رجال أعمال وإعلاميين وكتاب، جميعهم كان جزءا من تحالف «30 يونيو»، ثم فرقت بينهم المواقف من الرئيس السيسي وأولويات نظامه وإدارته للتحديات.
اليوم مر احتفاليا بين إفطار وغداء بمصاحبة فرقة الفنان «أحمد إسماعيل»، بينما انشغل حمزة وزوجته الرقيقة «سالي فياض» بمتابعة تفاصيل ومستلزمات الضيافة، ولم يكن في وسعهم طول الوقت إلا حوار قصير هنا وابتسامة هناك، وجلسة على السريع أو كلمات؛ على الواقف؛ مع هذه المجموعة أو تلك.
لكن عودة هذا الطقس بعد توقف قرابة أربع سنوات؛ على إثر هجوم أتباع «محمد مرسي» في الذكرى الأولى لإسقاطه على فيلا حمزة وإحراقها؛ جعل الربط بين هذا الجمع وبين حركة معارضة جديدة يسعى «ممدوح حمزة» لتشكيلها أول ما يخطر في الأذهان.
وبغض النظر عمن يرغب ومَّن يفعل؛ فإن التحرك في هذا الاتجاه يواجه بعدة عوائق، ليس أولها رفض الناس لآلية «الشارع» بعد تجربتهم القاسية مع 25 يناير وما تلاها من فوضى وغياب الأمن، ولا آخرها الخلاف الذي قسم النخبة السياسية ووصل لحد القطيعة داخل التيار الواحد، وبين التيارات المختلفة.
وتماشيا مع هذا الواقع فليس بوسع أي حركة قادمة إلا أن تكون عبارة عن تجمع «ضمير»، يصدر البيانات ويعقد المؤتمرات انتظارا لحدوث خلخلة بالوضع السياسي العام، أو تحول دراماتيكي غير محسوب، مع تمثيل محدود لمختلف التيارات السياسية تعبيرا عن «الإجماع الوطني» المفقود.
أما الموعد الأقرب للإعلان عن أي «حركة» فهو «يونيو» القادم، بالتزامن مع ذكرى سقوط «حكم المرشد»، وكذلك نجاح السيسي بانتخابات الرئاسة وتوليه حكم مصر، ليبق ذلك الوقت سقفا لمن سينجح من المتحركين في تسجيل الحضور المبكر.