الجمهورية
يسرى السيد
احذروا مخطط الإرهاب في سيناء!!
احتفلنا هذه الأيام بمرور 35 عاما علي استرداد سيناء من إسرائيل يجعلنا نسأل انفسنا: هل مايحدث في سيناء منذ الشهور والسنوات القليلة الماضية صدفة أم حلقة من حلقات فرض العزلة والاحتلال والتهميش المتعمد عليها؟
المتأمل لتاريخ شبه جزيرة سيناء يدرك الأمر. هي معبر لجيوش الغزو والاحتلال. وساحة للكر والفر.. ومثلما كانت نورا ومهبطا للانبياء ومعبرا وملاذا لهم كانت نارا بدخول الغزاة منها تارة ومثار طمع لمن يعرف ثرواتها وقيمتها الحقيقية.. لذلك كان الهدف واحدا طوال التاريخ وهو جعل سيناء خالية من البشر والعمران. وتحقق المراد بقصد أو بدون قصد علي مر العصور للدرجة التي وصل الأمر فيها إلي حصول المصريين أنفسهم علي إذن للدخول اليها بعد المناوشات مع اسرائيل بعد قيام ثورة يوليو 1952 إلي ان وصل الامر لاحتلالها في يونيو 1967.
يعني المقصود دائما ان تظل خالية وخاوية علي عروشها حتي يسهل السيطرة عليها واحتلالها. وفي نفس الوقت تكون ممرا سهلا لعبور الغزاة من خلالها.. والغريب ان الهدف المحدد والمخطط الواحد تعددت صور تنفيذه للوصول إلي هذه النتيجة وللاسف تحقق النجاح علي مر العصور بشكل مذهل!!
وبعيدا عن التاريخ وحلقاته من هكسوس وحيثيين إلي عرب وأتراك إلي احتلال اسرائيل لها بالكامل.. وبعد عودتها لمصر ونحن نحتفل هذا الشهر بمرور 35 عاما علي استردادها بالكامل طبقا لاتفاقية السلام مع العدو الصهيوني ظلت سيناء لغزا طوال حكم مبارك وحتي قيام ثورة 25 يناير. فقد درسنا وكتبنا واصدرنا العديد من القرارات والدراسات عن خطط تنمية سيناء. لكن ظل البرود هو السائد. فرغم مرور عشرات السنين علي عودتها وتحريرها لم تتم تنميتها وزرعها بملاييين البشر حتي يصعب احتلالها من جديد.. فهل كان الأمر مقصودا. أم تم دون قصد. أم كنا مجبرين علي ذلك؟.. اسئلة قد نجد اجابة عنها في المستقبل.
وبعد قيام ثورة 25 يناير.. ظهرت فورة في شرايين وعقول المصريين.. تصدرت سيناء المشهد باعتبارها مرتكزا مهما للتنمية والنمو.. ويبدو ان المخطط الرافض لتحويل سيناء إلي منطقة نمو وجذب بشري واستثماري واقتصادي قد وجد نفسه في مأزق عدم وجود نظام حاكم يساعده في مخططه بشكل أو بآخر فكان السيناريو الجديد الذي بدأ تنفيذه بدقة وسرعة اثناء فترة انشغال مصر كلها بالثورة وفصولها المتلاحقة وهو ادخال العناصر المسلحة إلي سيناء باسلحتهم وعتادهم مستغلين الانفاق تحت الارض بشكل كبير في انتظار لحظة البدء!! وتطور الأمر بشكل سريع أثناء حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي حين استشعرت جماعته الخطر وادركت انها ستدخل في مواجهة مع الشعب المصري كله فتم نقل هذه الجماعات بشكل كبير وكثيف إلي سيناء لتكون نقطة الانطلاق من وجهة نظرهم للانقضاض علي الدولة المصرية. وفضح المخطط قول احدهم اذا تم الافراج عن مرسي سيتم وقف نزيف الدم في سيناء.
وبعد مرسي وقيام الشعب بثورته الثانية في 30 يونيو بدأ يتجلي المخطط الجديد وظهر أمامنا السيناريو الجديد.. فبدلا من الجيوش المنظمة ومساراتها المعروفة وحروبها التكتيكية تأتي غزوات العصابات المسلحة. والفارق كبير بين النوعين. لكن الاخطر هو استخدام اهالينا كدروع بشرية مما يجعل الأمن عاجزا أمام تدمير عدوه لانه يحتمي بجزء من الأهل ويتحصن وراءهم.. ولم يقف المخطط عند هذه المواجهة المباشرة بين عصابات مكونة من مرتزقة تم جمعهم من هنا وهناك ومسلحين بتكنولوجيا لا تملكها الا اجهزة مخابرات لدول غربية أو اقليمية وممولين بخزائن مفتوحة "علي البحري" لدويلات باحثة بدون مبررعن موطيء قدم في خريطة تتشكل من جديد وفقا لمخطط غربي استكمالا لـ "سايكس بيكو" القديم!!
والخطير ان الأمر لم يقف عند ذلك لكن يحاولون تطبيق سيناريو آخر وهو الوقيعة بين الدولة واهلها في سيناء مثلما حاولوا بين المسلمين والمسيحيين والدولة. ليتحول السيناريو في حلقاته الحاسمة إلي صراع داخلي ليكون متوازيا مع الصراع الخارجي في البداية إلي ان يتأجج الاشتعال بين اعضاء الجسد الواحد فيكون الهدف قد تحقق بنجاح يفوق المواجهة بين الداخل والخارج. ولان الامر مدروس بعناية والسيناريو مجرب..نجح في العراق باشعال الحروب والصراعات الدينية والعرقية والطائفية ليصبح العراق بحرا من الدم بين السنة والشيعة والعرب والاكراد.. الخ.. ونجح من قبل في لبنان في حرب استمرت سنوات ومازال شبحها يطل علينا بوجهه القبيح بين سنة وشيعه وموارنة ودروز وتنظيمات مختلفة موالية لدول عديدة لعبت باموالها ومخابراتها حتي استكفت بعد احتراق الاخضر واليابس في لبنان..والامر متكرر في اليمن وليبيا والصومال والسودان.. الخ.
ومصر هي الجائزة الكبري.. ضربوا الكنائس فلم يفلحوا.. خطفوا شبابا من المسيحيين المصريين في ليبيا وقتلوهم... فلم يفلحوا ..حاولوا اشعال النوبة فلم يفلحوا.. ومثلما حاول الارهاب في الثمانينات والتسعينات ان يحول المعركة من ارهابيين أو متطرفين أو منتمين لتيار فكري يرتدي رداء دينيا مع الدولة إلي معركة.
في البداية اهل سيناء مثلنا جميعا في الدلتا والصعيد قد يكون من بين افراد الاسرة الواحدة الصالح والطالح. وليس معني انتماء فرد منها لفكر معين أو تنظيم بعينه ان توصم الاسرة كلها بهذا الانتماء...لذلك حاولوا تطبيق السيناريو الشيطاني بتجنيد بعض افراد من بعض القبائل لعدة أسباب.. السبب الأول البحث عن أفراد جدد.. والسبب الثاني ان أهل مكة ادري بشعابها بمعني ان تجنيد بعض أهالي سيناء سيكون السبيل إلي معرفة كل تفاصيلها الجغرافيا من جهة. ومعرفة الخريطة السكانية من جهة ثانية ليسهل الاختراق والاحتماء..والسبب الثالث هو استغلال حاجة بعض الشباب إلي العمل لندرة فرص العمل من جهة. واغلاق وتدمير الانفاق التي كانت تجارة رائجة للبعض بما تضم من تهريب كل شيء.. والسبب الرابع هو تدريب عناصر فكريا وقتاليا بحيث تظل عناصر توتر دائمة في سيناء حتي لو انتهت هذه المواجهات مثلما حدث مع تنظيم القاعدة بعد انتهاء المواجهات مع الاتحاد السوفيتي في افغانستان!!
وياتي العامل الاقتصادي الذي يعزف عليه العدو الجديد وتتصدر مشاهده إلي جانب الازمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر وتظهر اثارها في سيناء مثل باقي محافظات مصر لتشكل نقطة انطلاق لهذه العصابات.. طبعا قد يكون المستفيد من عمليات التهريب والانفاق عدد قليل من اهالي سيناء لكنهم مؤثرين بما يملكون من اموال طائلة يمكن التأثير بها علي ساحة المواجهة!!
الحلول والمواجهة
طبعا الرهان علي أهل سيناء بلا حدود فقد كانوا بئرا للوطنية طوال العصور.. كانوا العيون والدليل لجنودنا في دروب وسهول وجبال ووديان سيناء. وكانوا الشوكة في ظهر العدو الاسرائيلي. ولم تفلح "شيكلاته" ومخدراته وعطاياه في نزع الوطنية والانتماء من دمائهم... لذلك لابد من الحوار المستمر معهم واطلاعهم علي تفاصيل الصورة كاملة حتي نسد الطريق علي "الزن الارهابي المستمر"!!
الأمر الثاني هو طرح بدائل اقتصادية أمام العديد من شباب واهالي سيناء الذين يعانون مثلنا من البطالة والأزمة الاقتصادية بربطهم بمشروعات صغيرة تخدم السياحة هناك أو مشروعات تنموية صناعية أو استصلاح اراضي أو تربية اسماك أو اقامة مشروعات تعدينية تستفيد من ثروات سيناء من رمال إلي صخور غنية بالمعادن.. والتفاصيل كثيرة تمتليء بها ادراج هيئة المساحة الجيولوجية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف