فيتو
أبو الفتوح قلقيلة
هل وعظ وزير الأوقاف نفسه أولا !
كان بإمكانى أن أجعل من هذا المقال مادة للإثارة بعنوان من نوعية: فضيحة الوزير.. أو إنها ابنة الوزير وكفى! أو شيخ للإسلام وشبهات الفساد.. لكن الواقع بحق أكثر إثارة وفجرا وبجاحة من كل عناوين المقالات والصحف التي قد تثير القارئ لدقائق ثم تتلاشى وتخمد جذوتها انتظارا لحدث أكبر منه تشويقا أو إثارة أو استهجانا، واقع الحياة المصرية صار مدعاة للسخرية التي ترتكز على جانب واحد فقط وهو.. بكل أسف مفيش فايدة وربما كما يقول الخبثاء.. مفيش دم كمان، مادام معيار المحسوبية والواسطة (الحرام) هو السائد في بلادنا، بل إنه صار كقانون أوحد للحصول على عمل مميز والترقى في درجاته!

قد تقبل هذا من شخص عادى، لكن أن تحوم الشبهات حول مسئول حكومى بدرجة وزير، فهذه كارثة خاصة إن كان هذا الوزير هو الذي يخطب في عموم الناس كل جمعة عن الحرام والحلال وكارهية الله الحق العادل للفساد والمفسدين!! بالله عليك كيف تواجه نفسك أو تواجه المصلين الذين ينصتون لخطبتك في كل جمعة وأنت واقع تحت شبه استغلال نفوذك لتعيين ابنتك في وظيفة محترمة ومجدية في إحدى شركات البترول!

قد يقول قائل.. أليس هذا هو حال بلادنا وليس وزير الأوقاف بدعا من الناس، بل إنه ليس بدعا من وزراء سابقين أو حاليين لهم أبناء في وظائف نافذة مربحة لا يطالها إلا أبناء الكبار وفقط.. نعم، ولكن هذا الرجل بالذات كان أولى به أن ينأى عن أي شبهة لأنه وزير للشئون الدينية في بلد الأزهر الشريف، فهو الرجل الثانى في المكانة بعد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف.. كيف يواجه ربه في كل صلاة وهناك شبهة في تعيين ابنته في إحدى شركات البترول بينما هناك آلاف بل ملايين من الشباب العاطل الذين يحلمون بالعمل في وظائف أدنى رغم حصولهم على درجات علمية أعلى من ليسانس ابنة السيد الوزير.. هنالك من يحمل الماجستير والدكتوراه ويبيع مناديل في الشوارع أو يعمل جرسونا في إحدى المقاهى فقط.. لأنه ليس ابن مختار جمعة أو أي مسئول مثله !

هلا جلس في بيته!
هل لو كانت كريمة السيد الوزير الحاصلة على ليسانس بدرجة جيد جدا ابنة رجل (عادى) من عموم المصريين، هل كانت ستعينها شركة البترول التي تدفع مبالغ طائله للعاملين بها من ثروات ومقدرات عموم المصريين! هل كان بإمكانها الحصول على هذه الوظيفة المرموقة بكل أريحية وسهولة؟ أم أنها كانت ستدوخ السبع دوخات للحصول على وظيفة معلمة بالحصة مثلا أو مترجمة بالأجر بمبلغ لا يوفر لها ثمن المواصلات اليومية؟

بالقطع جميعنا يعرف الإجابة، وجميعنا من أكبر مسئول لأصغر عامل بسيط أو عواطلى يعرف واقعنا الفاسد والمفسد، لكن بالقطع لن يحدث هناك شىء، لن يتم إقالة السيد الوزير رغم أنه يستحقها وبجدارة.. ولكن الواقع يشى بأن ذلك أمر صار مستحيلا، فمهما انتقدنا عورات الحكومة أو المؤسسات تكون الإجابة هي مزيد من التجاوزات وكأن المسئولين يقولون لنا موتوا بغيظكم ونحن على قلوبكم.. روحوا اشتكوا بقى لربنا أو ادعوا علينا.. أو كما كان يقول أهلنا الطيبون البسطاء زمان: اكنسوا علينا الجوامع !

حديث الرئيس عن العمالة الزائدة!
العجيب في الأمر أنه قبل نشر تلك الواقعة وتداولها على مواقع التواصل ثم فضائيًا بأيام قليلة، كان هناك حديث مؤثر للسيد الرئيس عن ضرورة خفض عدد العمالة المصرية، لأننا فعليا لا نحتاج أكثر من 20% من حجم العمالة الموجودة.. فهل كانت ابنة السيد الوزير حالة شاذة عن هذا الواقع وضرورة عبقرية لاقتصاد تلك الشركة البترولية.. بالقطع لا وألف لا والجميع يعلم ذلك ولكنه حالنا الذي صار مستعصيًا على الحل لأن من يفترض فيه الحرص على إنفاذ القانون على الجميع يخالفه من أجل مصالح شخصية ضيقة، ومن يعظ الناس لا يعظ نفسه أولا ولا يكبح جماحها.. لنا الله وكفى به حسيبًا.

واقعة نجل محمد مرسي !
واقعة مشابهة كان بطلها نجل الرئيس السابق المعزول محمد مرسي، والذي تم تعيينه في مطار القاهرة في وظيفة مربحة لا ينالها إلا من كان ذا حظ عظيم.. وقتها كان البلد في حالة ثورية وانتقد الكثيرون ومنهم كاتب المقال تلك الواقعة حتى تم إجبار الابن على ترك الوظيفة، وساعتها تم تكفيرنا من جمهور الإخوان.. لا ندرى هل سيكفرنا وزير الأوقاف بدوره أم سيصفنا بالخيانة.. تحيا مصر يا مولانا.. قطعا ستحيا فقط عندما نهجر الفساد والمفسدين.. هدانا الله وإياكم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف