المساء
كاريمان حرك
أوتـار
* قدمت فرقة أوبرا القاهرة رائعة بوتشيني "توسكا". وقد حظيت بإقبال جماهيري كبير. كنا نفتقده دائماً مع هذا الفن الذي تم ظلمه بنشر المقولة الكاذبة إنه "فن الصفوة".. رغم أنه قمة الفنون التعبيرية الذي يجمع بين الموسيقي الدرامية ذات الفكر والصنعة العالية وفنون المسرح بكل عناصره الشكلية والحركية. وفيه الأصوات البشرية لا تختلف عن الآلات الموسيقية. بل تفوقها تبعاً لحرفية المؤلف الموسيقي. الذي يُنسَب له العمل دائماً.
و"توسكا" ليست جديدة علي الجمهور المصري. لأنها من رصيد فرقتنا المصرية. أو بمعني أدق دُرَّة هذا الرصيد. وتقدمها فرقتنا بشكل متميز حتي أنني أتذكر أنها عندما عرضت في 2009 كتبت عنها عنوان "فرقتنا المصرية وصلت للعالمية" لأن العمل تم تنفيذه بشكل جيل جداً وبفنانين وفنيين مصريين جعلنا نشعر بالفخر.
وهذا العام أسند الإخراج للمخرج الشاب هشام الطلي. الذي سعي مع مهندس الديكور محمد عبدالرازق. ومصمم الإضاءة ياسر شعلان. لتقديم شكل معبر ومبهر في آن واحد. مع لمحة تجريدية ورمزية.
وتعد هذه من التجارب الأولي لـ"عبدالرازق". وتؤكد أننا أمام مصمم ديكور ذي فكر وأسلوب خاص به. وشعلان سبق أن تعرفنا عليه في معظم روائع عروض الأوبرا والباليه. وله خبرة وموهبة فائقة في توظيف الإضاءة لتعميق الحدث الدرامي وتميز العمل بحركة مسرحية مدروسة. واستثمار جيد للمجموعات والكورال.. يحسب بدون شك للمخرج الطلي.. وقاد الأوركسترا دافيد كريشنزي. بشكل طيب.. و"توسكا" من الأعمال المحببة إلي نفسي. خاصة أن نجمتنا السوبرانو "إيمان مصطفي" تؤديها بشكل احترافي متميز. مما جعلني أطلب منها في حفل تكريمي بمناسبة صدور كتابي "الفن الجميل" أن تحيتها لي أن تغني إحدي آريات توسكا. وقد اشتهر بأداء البطولة "وليد كريم" ولكن للأسف لم يشارك في هذا الحفل.
"توسكا" من الأعمال التي أشعر أن الفرقة تقدمها من أجلي من كثرة شغفي بهذا العمل الجميل وبألحانه الجذابة والشجية والآريات والحواريات المعبرة عن الأحداث.
"توسكا" ختام جميل بلا شك ويستحق كل من شارك فيها التحية والتقدير. بداية من كورال الكبار. وكورال الأطفال. ونجوم الفرقة: مصطفي محمد. وعماد عادل. ورضا الوكيل. وعبدالوهاب السيد. وإلهامي أمين. وعزت غانم. وتامر توفيق. وإبراهيم ناجي. وأسامة جمال. وبرهان الدين فاروق. وشريف رمضان. والسوبرانو الجميلة إنجي محسن.
ولكن هذا يجعلنا نتساءل: أين نجوم الغناء المصريون من طبقة التينور؟!.. وأيضاً أين السوبرانو الدرامي الذي يتبادل مع إيمان هذا الدور؟!!
يجب البحث عن جيل ثان لهذا العمل العظيم.. ولكن رغم كل التكاليف المادية الباهظة التي تحتاجها هذه الفنون. أتمني ألا ننسي أن دار الأوبرا تم بناؤها من أجل هذه الفرقة. ولهذا يجب أن تكون هناك أعمال جديدة كل عام. يجب أن يتنوع الريبرتوار ولا يقتصر علي المدرسة الإيطالية وأن يعاد إنتاج أوبرا "أنس الوجود" لأنها الأوبرا المصرية الوحيدة التي سبق إنتاجها.. وأخيراً شكراً لفرقة الأوبرا علي هذا العمل الجميل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف