عباس الطرابيلى
كارثة: اتحاد البرلمان مع الحكومة
المفروض فى مبدأ الفصل بين السلطات.. أن ذلك لمصلحة الشعب.. وأن البرلمان الذى يتحد مع الحكومة ـ ضد الشعب ـ يمثل كارثة على مصالح الناس، كل الناس ـ فهل هذا هو ما يجرى الآن؟!
أكاد أرى أن البرلمان أعلن زواجه من الحكومة ـ وهو زواج كاثوليكى ـ أى لا طلاق فيه.. فالبرلمان الحالى يقف دائمًا مع أى قرارات.. أو أى مشروعات للقوانين.. فهل نسى البرلمان أن فكرة البرلمانات ما قامت فى الأساس إلا لكى تصبح رقيبًا على أعمال الحكومة.. وليست «المطيباتى» الذى يصفق للحكومة على الدوام.. وبالذات فى الأمور المالية والاقتصادية.. وأمامنا العديد من القرائن.
<< فى قضية الأسعار والغلاء الذى يشوى الناس، كل الناس، أين البرلمان فى كل ما يجرى.. نعم نعترف بأننا تأخرنا كثيرًا فى إجراءات الإصلاح الاقتصادى.. بل نرى ذلك ضروريًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. لأن أى تأخير سوف يزيد المشاكل تعقيدًا.. ولكن القضية هى فى أسلوب إدارة الحكومة لملف الأسعار.. إذ من الصعب بل من الخطأ، أن يتحمل الجيل الحالى ـ وحده ـ كل تبعات وآلام هذا الإصلاح، خصوصًا وأنه جاء بسبب تراكمات تمت خلال أجيال متعددة تمتد لأكثر من نصف قرن ولذلك تقضى الحاجة بتوزيع أعباء هذا الإصلاح، على عدد أطول من السنوات.
فهل يا ترى تدرك لجان هذا البرلمان ـ الاجتماعية والاقتصادية.. بل والسياسية ـ مخاطر الأسلوب الذى تدير به الدولة ـ الآن ـ ملف الأسعار والغلاء؟!
<< أكاد أجزم أنه لو جرت الآن أى اتنخابات برلمانية أو محلية.. أو حتى رئاسة أن تكون نتائجها عكس ما نتصور جميعًا ـ وهنا الكارثة ـ إذ أرى ألا إنقاذ لمصر الآن إلا بمبادئ هذا الإصلاح الاقتصادى. إذ لا طريق غيره ولكن القضية هى.. كيف؟! هنا يأتى دور البرلمان.
حقيقة البرلمان الحالى ـ هو الأبعد عن قلوب الناس ـ ولكن ليس لهذه الدرجة من الاتحاد مع الحكومة وإجراءاتها.. فهل نسى البرلمان دوره الرقابى، على أعمال الحكومة، بالذات فى الأمور الاقتصادية. وإذا كنا نوقن بأهمية توحيد القوى للإنقاذ.. فلماذا مثلاً نجد «جبنًا» حكوميًا شاملاً ضد فكرة التسعيرة الجبرية للسلع.. نقول ذلك لأن الجشعين استغلوا ضعف الحكومة.. وأيضًا غياب أى دور للبرلمان فى الرقابة.. ورفعوا أسعارهم فوق زيادة أسعار الدولار بمراحل.. كل هذا والحكومة نايمة.. والبرلمان صامت.. وهنا لمن يلجأ الشعب إذن؟!».
<< الحكومة تغمض العيون تمامًا عن الجشعين.. ولا نأخذ منها التصريحات والكلمات المعسولة والاجتماعات وكأن الناس ستأكل تصريحات وتحلى بالكلمات والبرلمان نسى دوره الرقابى.. واستسلم «لتعليمات الحكومة» وكأنه برلمان دولة الواق واق.. والمعارضة أيضًا غائبة تمامًا وبنسبة «200٪» عن أى دور أو قرار.. وبين هذا المثلث الرهيب يغلى الناس.. والكل يمشى فى الشوارع يحدث نفسه.. بعد أن اختفى من السلطة من يجب أن يسمع للناس. وإذا كان الشعب الآن «يكلم نفسه» فهذا من الأمور المعقولة.. على الأقل لأنه ينفس عن نفسه.. حتى لا تنفجر بالونة الغضب.. إذا زادت الأمور سوءًا أكثر من لك، وقد زادت بالفعل.
<< حقًا.. ويبقى السؤال: عندما يتحد البرلمان مع الحكومة، فى كل شىء، من إذن مع الشعب؟! وعندما تغيب المعارضة كذلك عن المعركة.. فمن يتبنى مشاكل الناس وهمومهم؟.
وبالمناسبة أكاد أقول إن كل ذلك ليس فى صالح الرئيس السيسى.. أبداً.. فهل تستيقظ كل عناصر هذا المثلث: الحكومة والبرلمان والمعارضة؟!.. أتمنى أن يحدث ذلك قبل أن تنفجر بالونة الغضب.