اصطحبني صديقي الفنان جمال أمان إلي قصر ثقافة الجيزة. التابع لهيئة القصور في الثقافة. أقصد هيئة قصور الثقافة. حيث تعرض فرقة الجيزة القومية المسرحية نصا مسرحيا للمؤلف إبراهيم الرفاعي بعنوان "جمهورية شنتوفة" إخراج مجدي عبيد
ويدور النص بشكل ساخر حول وضع الشعب العربي الذي يعاني الفقر والجوع في تيمة سياسية تكشف عن زيف العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وكيف أن الحكم يقوم عادة علي منطق انه من مصلحته أن يظل الشعب مقهورا وجوعانا وفقيرا يعاني الغلاء في كل شئ. حتي يظل مشغولا بذلك. لأنه لو شبع واستقر واطمأن فسوف يصبح مشغولا بالحكم ومن يحكم. يعدد أخطاءه ويفضح سلبيات.
وهذه فكرة ليست جديدة وسبق تناولها ومعالجتها كما نعلم في كثير من النصوص المسرحية. لكن الجديد هذه المرة هو حالة الحسرة التي تصيبك منذ بدء العرض حتي نهايته. وهذه الحالة ليست بسبب ضعف الأداء المسرحي من الممثلين أو ضيق أفق المخرج في التعبير عن الفكرة. وكلاهما عنصران أساسيان في أي عمل فني. وإنما بسبب ضعف الامكانيات التي يعمل في مناخها شباب لا تقل امكانياتهم الفنية وموهبتهم عن مشاهيرنا الكبار.
صالة العرض هي مجرد قاعة فقيرة الامكانيات وتكاد تخلو من أي مقومات تساعد علي إقامة عرض مسرحي يحتاج إلي خشبة مسرح وإضاءة جيدة وكواليس وكراسي للجمهور وغير ذلك مما يمكن الفنانين من تأدية عملهم بشكل جيد ويمكن الجمهور من الرؤية الجيدة.
سألت نفسي إذا كان هذا هو حال الامكانيات في اقليم القاهرة الكبري فكيف يكون الحال في قصور الثقافة في باقي الأقاليم والمحافظات المختلفة؟. بالتأكيد أنتم تعلمون الإجابة. ويكفي أن تعلموا أن ميزانية هذا العرض كما ذكر لي المخرج 48 ألف جنيه. يعني يادوب ثمن فردتين شراب وكيس لب.
وكان طبيعيا أن يرتدي الممثلون ملابسهم وليس ملابس الشخصيات التي يؤدونها. وأن تدار الاضاءة بمفاتيح بدائية جدا. وأن يكون الأداء المسرحي وسط الجمهور. وأن يجلس الجمهور علي كراسيهم بطريقة مبعثرة. وبقدر ما تواسينا المساخر وتسكننا حتي افتقدنا القدرة علي الدهشة. كما يقول المخرج. كم ذا بمصر من المضحكات لكنه ضحك كالبكاء.
كتب أغاني المسرحية الشاعر أيمن النمر وألحان سيد رمضان وتوزيع موسيقي نوار مجدي وديكور وملابس مريم راضي. والمخرج المنفذ ناجي مصطفي ونفذ العرض خالد موسي وعبير العراقي ونادر منجي. وتألق الممثلون ولم يلتفتوا إلي ضيق الحال وقلة الامكانيات. مجدي سعد وآمال رمضان ومحمد البوشي ودعاء محمد ومحمود خلف ورجب حامد وإسماعيل سالم.
كما تألق الممثلون الشباب أحمد محمد القراني وأحمد بدوي وكريم محمد ورحاب محمد وأيمن أشرف ومحمد عبدالله وانتصار قاسم وتامر محمد ومحمد مجدي ونوار مجدي وحبيبة محمد وبسملة ناجي ويوسف بدوي وعامر علي. إلي غيرهم ممن شاركوا في العرض بأدوار صغيرة.
وياوزير الثقافة هؤلاء هم فنانو الغد الذين سوف يحفظون لمصر ريادتها الفنية وهم يستحقون أكثر من ذلك.