لا أسعى بهذا المقال أن أرفع لكم ولنفسى ضغط الدم، فشرايين قلبى لا يوجد بها موضع لدعامة، بل لكى نتفق على أننا فى حاجة إلى قوانين صارمة تضبط الإعلام بشكل عام، المرئى والمقروء، والمسموع، وتضع حدود للعشوائية التى نعيش فيها منذ قيام ثورتى يناير ويونية، وتقضى على الشللية التى تتحكم فى المشهد الإعلامي، هذه القوانين يجب أن تخدم على العاملين بالمهنة وليس أبناء المؤسسات أو أصحاب شلة بعينها،
آفة المشهد الاعلامى المصرى فى شلليته، مجموعة من الأشخاص جمعتهم المصالح أو الأيديولوجية أو أجهزة الدولة، يتحكمون فى المشهد ككل، يدفعون بعضهم البعض لتولى المناصب، ونظن أن أعضاء المجالس الإعلامية يعلمون جيدا من الذى نقصد،
ولكى نوضح مفهوم الشلة تعالوا نعود بالذاكرة لبعض الوقائع التى حركت فيها دعاوى ضد بعض الصحفيين وبعض الكتاب الأعضاء فى شلة بعينها أو الكتاب والصحفيين التابعين للأجهزة أو للفكر اليسارى أو الناصرى، ما الذى يحدث: إذا كان المشكو فى حقه رئيسا للتحرير، يذهب إلى دار القضاء العالى وسط مجموعة من شباب الصحفيين فى جريدته، يحملون لافتات تندد بحبس الصحفيين، وبتقييد الحريات، وكسر الأقلام الشريفة المناضلة، ويهتفون لصالح الحريات، وحرية التعبير، ويصاحب رئيس التحرير بعض أصحابه من نقابة الصحفيين، قبل ذهابه يتصل ببعض أصحابه فى الفضائيات يرسلون كاميرا ومراسل، وتقوم القنوات بتغطية الهتافات واللافتات، ويقف بطل الحريات الذى يواجه الحكومة والفساد بصدر جسور وقلم كالمشرط، يقف أمام الكاميرا يعلن صموده وتحديه، ويحول قضيته(السب والقذف) من قضية شخصية إلى قضية رأى عام، ويؤكد تصديه لمن يحاولون تقييد الحريات وقمع الكتاب وقصف الأقلام، ويقدم نفسه شهيدا من اجل حرية التعبير وعدم حبس الصحفيين والإعلاميين، وتنتقل الكاميرا من البطل المغوار إلى أحد أعضاء نقابة الصحفيين ويكرر علينا نفس أو بعض ما قاله البطل، مؤكدا مساندة النقابة بمجلسها الموقر للبطل الكاتب الكبير فى معركته ضد تقييد الحريات، ويقرأ بعض فقرات من البيان الذى أصدرته النقابة، والذى تم توزيعه على الفضائيات والصحف والمواقع الخبرية، بعدها تنتقل الكاميرا إلى أحد المحامين من نفس التيار السياسى أو من الذى يكتبون فى جريدة بطل مصر فى الحريات لمسافات طويلة، ويعلن مساندة نقابة المحامين أو المعلمين أو الأطباء مع بطل مصر وكاتبها ومناضلها، ويكرر بعض ما قيل ويقال، بعدها تنقل الكاميرا إلى أحد القيادات الحزبية التابعة للتيار الفكرى والسياسى، ويكرر نفس المقولات الحنجورية، وفى المساء يعقد أعضاء الشلة فقرة بالبرامج يتصدون فيها لقضية بطل مصر فى الحريات للمسافات الطويلة، ويؤكدون رفضهم لتقييد الحريات وقصف الأقلام، وحبس الصحفيين، وفرض السيطرة والهيمنة على وسائل الإعلام، ويطالبون بإلغاء القوانين المقيدة للحريات، والمواد التى تعاقب الصحفيين والكتاب بالحبس، فى الصباح يتصدر خبر البطل المغوار الصفحات الأولى، وتلعن الصحف التابعة للشلة(مع بعضينا) مساندتها لبطل مصر فى الحريات لمسافات طويلة، ورفضهم حبس الصحفيين والكتاب، وتقييد حريات التعبير.