نحن أمام جريمة مكتملة الأركان مسئول عنها ومشارك فيها عدد من الوزارات المعنية، والجريمة هى عدم استثمار مصر للأعمال الفنية السينمائية العالمية والتى تتناول تاريخ مصر ويتم تصويرها فى دول أخرى، بعيدا عن أماكنها الحقيقية فى مصر.
وما دعانى أقول ذلك: ما قرأته مؤخرا عن قيام الفنان العالمى توم كروز وهو أحد أهم نجوم السينما العالمية بتصوير فيلمه السينمائي الجديد عن الملك رمسيس الثانى والمومياوات فى دولة المغرب، وهنا لا نوجه اللوم للفنان العالمى توم كروز ولكن نوجهه للمسئولين فى مصر، لماذا لا يتم تصوير فيلم يتناول حياة الفراعنة المصريين داخل مصر؟ والشىء المحزن كنا نتمنى أن نجد المسئولين يلهثون ويبحثون عن منتج ومخرج الفيلم ويعرضون عليه التصوير فى مصر مع تقديم كافة التسهيلات التى تمكنهم من تصوير الفيلم بمصر بدلا من المغرب، خاصة أن الفيلم يتحدث عن فراعنة مصر وهو ما لم يحدث!!
والمحزن أن هذا الفيلم ليس الأول، فهناك أكثر من عشرة أفلام تتناول حياة الفراعنة وتم تصويرها فى المغرب، و السبب لأن دولة المغرب قدمت لهم كافة التسهيلات وأنشأت لهم الاستديوهات المصممة لمثل هذه الأفلام.
أما نحن فمازلنا نلتزم التزاما غريبا بالبيروقراطية المدمرة والتى تسببت فى ضياع ملايين الدولارات على مصر نتيجة ما نفرضه من رسوم تعجيزية ومخاطبات ومطالبات وأشياء لا لزوم لها فكانت النتيجة المبكية فيلمًا يتناول تاريخ مصر الفرعونية يتم تصويره فى المغرب!!
أليست كارثة وجريمة مكتملة؟.. فكيف لا يفكرون فى أن تصوير مثل هذه الأفلام وغيرها هو أكبر دعاية لمصر فى الخارج.. ناهيك عن وجود ممثل بمكانة توم كروز العالمية يتواجد فى مصر ويلتقط صورا تذكارية له أمام الأهرامات وأبوالهول وينشرها على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعى.. يا مسئولين كم تساوى هذه الصورة؟! دعاية بملايين الجنيهات، خاصة أن صفحته يقرأها أكثر من 60 مليون شخص فى أنحاء العالم.
يا مسئولي مصر ندفع ملايين الدولارات من أجل تحسين صورة مصر وعندما تأتى لنا الفرصة للترويج للسياحة المصرية نغمض أعيننا!
تعالوا نرى دولة مثل تركيا، الشعب المصرى والعربى عشق مناطقها الأثرية ومعالمها من خلال المسلسلات التركية واختيار الأماكن التى يتم التصوير فيها للترويج للبلد، وعرفها أيضا العالم الغربى من خلال ما يتم تصويره فيها من أفلام أجنبية عالمية بأجمل مناطق تركيا وتقدم لهم تركيا التسهيلات بل وتدعمهم أيضا.
والأغرب من ذلك جزيرة مالطا تنفق أموالا طائلة من أجل تصوير الأفلام العالمية بها، ولا نقدم التسهيلات فقط بل نساهم فى الإنتاج حتى أصبح السياح من كل دول العالم يأتونها، ونحن فى مصر لن ننفق مليما بل سنحقق مكاسب بملايين الدولارات جراء تصوير هذه الأفلام والتى لن تكلفنا سوى تقديم التسهيلات وهذا شىء بسيط جدا ولكن لم نفعل ذلك.
والدليل على أننا لا نفعل غير وضع العراقيل والروتين والبيروقراطيةن فخير شاهد على ذلك، أخبرنى الدكتور عاطف عبداللطيف الخبير السياحى، الذى يقدم برنامجا سياحيا عن السياحة المصرية والترويج لها أنه ذهب إلى الفيوم يوم الأحد الماضى لتصوير حلقة من برنامجه فى محمية وادى الريان ووادى حيتان وحصل على جميع الموافقات الأمنية والأكثر من ذلك رافقه خلال التصوير ضابط من مديرية أمن الفيوم وفور وضع الكاميرا لبدء التصوير؛ فوجئ بمسئولين من البيئة يمنعونه من التصوير ومع الإلحاح عليهم بأنه برنامج مصرى وفى قناة مصرية وترويج سياحى لمصر فى وجود رجل الأمن ورغم كل ذلك أصروا على الرفض وانصرفوا بدون تصوير.. هل يعقل ذلك؟ هل تظل البيروقراطية والروتين هى المتحكمة.
الحقيقة.. هناك لغز لا أعرف تفسيرًا له.. لوغاريتم يجب على الدولة التدخل لحله بإصدار توصيات عامة للدولة بأن تصوير المناطق السياحية والأثرية يخدم البلد ويساعد على تحسين الصورة الأمنية لمصر فى الخارج.