صندوق النقد الدولي يحذر من الموجة الثانية للتضخم في مصر بسبب بطء الإصلاحات.. هذا ما ذكرته صحيفة "المصري اليوم" الاربعاء الماضي.. وهو ما يعني أننا مقبلون علي موجة جديدة من ارتفاع الأسعار شبيهة بتلك التي أعقبت تعويم الجنيه ورفع أسعار البنزين.
نقلت الصحيفة عن جهاد أزعور المدير الجديد لإدارة الشرق الأوسط بصندوق النقل أن مصر في حاجة إلي معالجة التضخم الذي ارتفع لأعلي مستوياته خلال 30 عاماً.. لأن عدم معالجته سيكون له أثر اجتماعي كبير.. وسيزيد من صعوبة ضبط الموازنة بسبب الأثر السلبي علي الدعم إضافة إلي أمور أخري.. كما سيؤثر سلباً علي قدرة الحكومة علي المضي قدماً في برنامج الإصلاح في ظل خطر نشوب موجة ثانية من التضخم.
قال الرجل إن خفض معدل التضخم في مصر ضروري لإبقاء برنامج الإصلاح الاقتصادي بالبلاد علي المسار الصحيح وتقليص عجز الموازنة.. والمراجعة التي يجريها الصندوق حالياً "فرصة للنظر في جميع السياسات التي تطبقها الحكومة.. ومن المتوقع أن تستمر مراجعة الصندوق خلال الشهرين المقبلين بما يتماشي تقريباً مع توقعات القاهرة".
وكان مسئولون سابقون في صندوق النقل قد تعاطفوا مع الشعب المصري بعدما اكتشفوا أن سعر الجنيه قد تهور بعد التعويم ووصل إلي معدلات لم يتوقعوها.. ولذلك طالبوا الحكومة بالتدخل وإقرار برامج حماية اجتماعية فاعلة ومؤثرة.. لكن قلب الحكومة لم يرق لهؤلاء الذين يعانون.. ومازالت تبحث عن وسائل للحصول علي أموال منهم تحت مسميات مختلفة لا أن تزيد دخولهم.. ونظرة سريعة علي تصرفها مع أصحاب المعاشات خير مثال.. فقد بحت الأصوات التي تطالب بصرف علاوة اجتماعية لهذه الفئة المنكوبة والحكومة تتجاهل الأمر تماماً كأنها لا تسمع ولا تري.
الأسوأ من ذلك أن بعض المسئولين الحكوميين ما برحوا يطلقون تصريحات خشنة عن تطبيق المرحلة الثانية من رفع الدعم التدريجي عن البنزين وفواتير الكهرباء والغاز والمياه وكأنهم لا يرون معاناة الناس ولا يقرأون شيئاً عن اشتعال الأسواق والأسعار.. ولا يسمعون أنين الغلابة الذين ضاقت بهم السبل ولم تعد لديهم قدرة علي العيش بكرامة في ستر الله.
وعندما سئل رئيس الوزراء عن معاناة المواطنين من جراء القرارات الاقتصادية قال عبارته الواضحة: "مافيش إصلاح بدون ثمن".
حسناً. الإصلاح له ثمن.. لكن الواضح أن الفقراء وحدهم هم الذين يدفعون هذا الثمن.. ولابد أن تدرك الحكومة أن الناس لم يعد لديهم قدرة علي مزيد من الاحتمال بأكثر مما احتملوا.. لقد دفعوا الثمن عدة مرات.. ورق لهم صندوق النقد صاحب القلب الحجر.. وبقي أن يرق قلب الحكومة.
إذا كان الإصلاح الاقتصادي له ثمن معلوم فيجب ألا يدفعه الفقراء ومحدودو الدخل وحدهم بينما هناك شرائح في المجتمع لم تمس مصالحها.. وهناك شرائح أخري تطالب بامتيازات وزيادات في دخولها المرتفعة أصلاً.
هل طبقت الحكومة الضريبة التصاعدية؟.. وهل طبقت الحد الأقصي للأجور علي جميع العاملين في الدولة؟.. ولماذا توسعت في استثناء العديد من الفئات التي يجب أن يطبق عليها هذا القانون حتي تم تفريغه من مضمونه؟