الجمهورية
صفوت عمران
"الفقر" جريمة مخلة بالشرف!!
لم يكن عام 1977 إلا ذكري سيئة في التاريخ المصري الحديث عندما تجاهل الرئيس الراحل أنور السادات الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب وقام برفع الأسعار. الأمر الذي لم يغفروه له. رغم أنه القائد المنتصر في حرب أكتوبر أعظم حروبنا في العصر الحديث والذي لقن فيها إسرائيل درساً لا ينسي.. فالشعب.. أي.. لا يتحمل أبداً أن يتلاعب أحد في وقوته وتحت الضغط تراجع السادات. ولم يجرؤ أحد منذ ذلك اليوم علي المساس بالدعم رغم تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي ثم السوق الحر لتأتي سياسات حكومة شريف إسماعيل والرفع المستمر للأسعار. وسط شائعات عن زيادة أخري في يوليو القادم. وهو ما يعد ضربة موجعة لآمال وطموحات الشعب الذي توقع أن تساهم ثورة يناير وموجتها الثانية في 30 يونيه في تخفيف أعبائه وتوفير حياة كريمة له خاصة بعدما رفعت شعار "العدالة الاجتماعية" كأحد أهم أهدافها ليضع مستقبل الوطن علي المحك.
الواقع أن الفقر في بلادنا تحول من أزمة شديدة الخطورة بعدما طال الطبقات المتوسطة لدرجة أصبح معها أكثر من 60% يعيش تحت خط الفقر. وأصبح لدينا نحو 40 مليون مصري لا يجد قوت يومه. وهو ما يحتاج لتدخل حاسم من الدولة. فلا يليق أن يتحول الفقر إلي جريمة مخلة بالشرف. بل ويتم معاقبة الفقراء بزيادة أعبائهم وإجبارهم علي دفع فاتورة التحول الاقتصادي والسياسي للبلاد بدلاً من تخفيف معاناتهم. للأسف في بلادنا يترك اللصوص و"الحرامية" والمجرمون أحراراً طلقاء. وينهبون أموالنا وثرواتنا في وضح النهار دون أن يقترب منهم أحد. بل لا يمنعهم قانون مباشرة الحقوق السياسية من أن يصبحوا نوابا في البرلمان ومسئولين في الحكومة وللأسف كله بالقانون!. في بلادنا فقط يتحمل سد عجز الموازنة الفقراء. أما الأغنياء ورجال الأعمال فهم في مأمن ولا أحد يسألهم عن حقوق الدولة التي تصل إلي مليارات تساوي ميزانيات دول بالكامل فيكفي أن تعرف عزيزي القارئ أن رجال الأعمال يسيطرون علي 80% من ميزانية الدولة بينما يدفعون 20% فقط من حجم الضرائب بينما يدفع موظفو الدولة وشركاتها 80% من الضرائب رغم أنهم يحصلون علي 20% من ميزانية الدولة.
نعترف أن مصر تعيش أوضاعاً اقتصادية بالغة السوء خاصة خلال السنوات الأخيرة التي أعقبت الثورة بسبب غياب الأمن وهروب الاستثمارات لكن ذلك ليس مبرراً لتحميل المواطن فوق طاقته.
الحقيقة أن تحركات الحكومة كانت ومازالت عشوائية واختارت الحل الأسهل علي حساب البسطاء وتجاهلت وضع خطة حقيقية للإصلاح الاقتصادي تشمل إنجازاً حقيقياً وعلاجاً لا يضر بالوطن ولا يعرضه لمخاطر هو في غني عنها في تلك اللحظات الحرجة التي يعيشها وهو ما يستلزم من الرئيس أن يتخذ عدة قرارات تعوض المواطن عن أعباء رفع الأسعار. وأيضاً تضمن حقوق الدولة فيمكن مثلاً إصدار قانون الضريبة العقارية المؤجل صدوره منذ 9 سنوات وهو ما تسبب في خسارة الاقتصاد الوطني 24 مليار جنيه حيث أكد بعض الخبراء أنه يمكن زيادة حصيلة الضرائب من 300 مليار جنيه إلي ترليون جنيه عن طريق فرض ضرائب علي المهن الحرة والهيئات الاقتصادية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف