من أهم طبائع المصريين.. تلك الوجوه السمحة.. التى تشيع البسمة.. ولذلك اشتهر المصرى بأنه ابن نكتة.. وعندما انخفض توالد النكت خشى النظام الناصرى من أن يكون الشعب «يفكر» فى أمر يهدد النظام. لذلك عمد رجال النظام أنفسهم إلى تأليف النكت!! ولكن فى السنوات الأخيرة اختفت أو كادت البسمة من فوق وجوه الناس.. وعادت التكشيرة.. تسيطر.. وعادت علامة «111» الشهيرة إلى كل الوجوه، والسبب تراكم المشاكل والهموم.. بالذات مع موجات الغلاء الأخيرة.. وتفشى الرشوة والفساد.. وحديث الناس- كلهم- ماذا تأتى به الأيام، أسوأ مما نعيشه الآن.
<< واللافت للنظر أن البسمة لم تختف فقط من وجوه الناس.. ولكنها أصبحت ظاهرة لافتة على وجوه كل الوزراء.. وبالذات وزراء المجموعة الاقتصادية.. فهذا هو الدكتور عمرو الجارحى وزير المالية لم يضبطه مصرى مبتسماً، أبداً.. حقيقةً من المؤكد أن وراء ذلك أن الرجل هو الأكثر معرفة بمدى سوء الأوضاع المالية للبلد.. وبالطبع الحكومة.. وأن هذا السوء سببه نقص الخدمات الأساسية من تموين وصحة وإسكان ومرافق.. وبالتالى، فالوزير الجارحى هنا أكاد أتصوره لا ينام.. فإذا غفلت عيناه.. استيقظ سريعاً على الحقائق المرة.. كان الله فى عونه..
<< ووزير قطاع الأعمال د.أشرف الشرقاوى، أتمنى أن أراه- ولو مرة واحدة- يبتسم.. ولو بمرارة.. ولكن هموم وزارته- وهو الذى يتهمه البعض بأنه جاء ليكمل مأساة بيع القطاع العام تحت راية الخصخصة.. رغم ثبوت أن هذه السياسة ساهمت فى إفقار مصر، وبالذات الحكومة، التى عمدت على مدى سنوات إلى بيع أهم أصول مصر الصناعية والزراعية.. وغرقت حصيلة البيع فى مجارى الصرف الصحي، المسماة بلاعة الحكومة، نقصد الموازنة العامة للدولة... وأن الوزير يعرف أنه ورث تركة مؤلمة تتمثل فى قتل الكثير من المصانع الحيوية.. ويقف عاجزاً عن إنقاذ أى عامل أو فني، بعد أن ماتت شركات القطاع العام.. عملياً.. فكيف يضحك الوزير هنا؟!
<< والمهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، وهو يحمل واحداً من أهم الملفات الشائكة وأخطرها آلاف المصانع التى أغلقت أبوابها. والآلاف غيرها فى طريقها إلى الإغلاق.. والوزير عاجز.. بسبب نقص الاعتمادات من جهة.. وسوء الحالة التى وصلت إليها كل هذه المصانع.. فكيف ولماذا يضحك، وفى رقبته كل هذه المشاكل؟!
ووزير التموين، الدكتور على مصيلحي، كيف يضحك وعليه توفير الطعام لكل المصريين والبسطاء فى مقدمتهم. وأن كل اللعنات الشعبية تطارد الوزارة التى تخلت عن دورها.. أو كادت. ويقف عاجزاً عن اتخاذ قرار بعودة التسعيرة الجبرية، فى محاولة لضبط الأسعار.. لأن هذا القرار ليس قراره وحده، بل هو سياسة حكومة.. والجرس هنا فى رقبة الحكومة، قبل رقبة الوزير فكيف يتبسم الوزير.. خصوصاً ونحن على أبواب شهر فضيل يصفه الناس بأنه شهر للطعام.. رغم أنه شهر للصيام؟!
وهذا هو محافظ البنك المركزى المهندس طارق عامر الذى يعرف الحقيقة المرة، وأن معدل التضخم اقترب من 35٪، ويواصل ارتفاعه منذ نوفمبر الشهير.. أى منذ تحرير سعر الصرف.. فكيف يضحك محافظ البنك المركزى الذى يعلم أن ارتفاع الاحتياطى لدى البنك ليس نتيجة إنتاج حقيقى زاد.. أو ليس بسبب زيادة الصادرات.. ولكن أغلبه يعود إلى لعبة الدولار ليس إلا.
<< حقاً.. غريب أن أطالب أحد هؤلاء بأن يتبسم.. ولكننى أخشى أن تطول التكشيرة.. ويتحول الرقم الشهير «111» إلى 999!!