المساء
ايمن عبد الجواد
لكم الجنة.. ولهم العار
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والداء واحد
هذا بيت شعر قديم ورد عن ابن نباتة السعدي أحد شعراء بلاط سيف الدولة الحمداني وتحول بمرور الزمن إلي حكمة وقول مأثور. فالموت قادم قادم لكن المهم كيف تموت.. ومن أجل ماذا؟!
الكثيرون يبتهلون إلي الله أن يرزقهم حسن الخاتمة. وهل هناك خاتمة أفضل من الشهادة؟
يروي عن خالد بن الوليد أنه لما حضرته الوفاة قال كلماته المأثورة "لقد شهدت مائة زحف أو نحوها وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية وها أنا أموت في فراشي كما يموت البعير. فلا نامت أعين الجبناء".
كان "خالد" يمني النفس أن ينال الشهادة في ميدان القتال بعد رحلة طويلة ومعارك لا تعد ولا تحصي فقد اشتهر كجندي طوال حياته.. لم يكن عالماً أو راوياً وقد اختصه النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ بلقب عزيز فهو "سيف الله المسلول".
أكتب هذا الكلام كنوع من الرثاء والمواساة لمن فقدوا أحباءهم في مشهد وداع أصبح مألوفاً ومكرراً مع اختلاف الأسماء والصور فقط.. وراء كل شهيد حكاية وحلم انتهي مبكراً ولو كان البكاء يعيدهم لسكبنا من أجلهم العبرات.
لا فرق بين الشهيد عبدالحميد طه ابن الفيوم الذي ترك خطيبته وذهب إلي حرب الخامس من يونيه سنة 67 علي وعد أن يعود لإتمام الزفاف وعثروا علي رفاته في سيناء الأسبوع الماضي بعد نصف قرن من استشهاده.. وبين شهداء الشرطة والجيش الذين ضحوا ـ ومازالوا يضحون ـ بأنفسهم من أجل تراب هذا الوطن الذي ترويه دماء خيرة أبنائنا.
الصور تدمي القلوب وتقشعر لها الأبدان تلك التي ينشرها البعض علي مواقع التواصل الاجتماعي لزوجات ترملن وأمهات فقدن فلذات الأكباد وأبناء في عمر الزهور مازالوا يسألون: "متي يعود بابا؟".. ولا يدركون أن آباءهم لن يعودوا أبداً فقد ذهبوا في ميدان الشرف حتي يبقي لنا وطن يأوينا.
نعم نحزن علي فراق الأحبة لكننا نؤمن بأن "لكل أجل كتاب". "وإذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون". و"أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة".. ذلك فهمنا لفلسفة الموت وتلك عقيدتنا التي لا نحيد عنها قيد أنملة. وتجعلنا مع كل حادث أليم نزداد إصراراً علي اقتلاع الإرهاب من جذوره حتي لو كان الثمن غالياً وغالياً جداً.
يا أيها الجهلاء مسلوبو العقل والإرادة.. ويا من تقفون خلفهم وتقدمون لهم المال والسلاح وقبل ذلك الفكر الضال المنحرف.. اخسئوا واذهبوا إلي الجحيم. فمصر بها مائة مليون مستعدون للشهادة من أجل أن يعيش وطنهم عزيزاً أبياً.. شهداؤنا في الجنة إن شاء الله وما أعظمها من منزلة أو بالأحري جائزة.
أما أنتم يا أعداء الحياة فلكم الخزي والعار أحياء وأموات.
** تغريدة:
الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات وتسقي بالعرق والدم.. "ونستون تشرشل"

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف