الأهرام
أشرف العشرى
رسائل مصر فى جولة السيسى الخليجية
كنت ومازلت من الذين يرون أن استقرار وصلابة الموقف والدور المصرى ينعكس بالايجاب على أشقائه فى الخليج وبقية العواصم العربية باعتباره يمثل الحاضنة والحماية وربما يوفر شبكة الأمان لتلك الدول بأنه سيقيها شرور المغامرات والاندفاعات غير المحسوبة أو على الأقل يشكل مصدات دفاعية فى وجه أصحابها ويقلل من منسوب الخطر والتوتر الذى ترفعه وتلوح به دول مثل ايران وتركيا ومن قبلهما إسرائيل.

وبلاشك أن استقرار مصر وعودة مقومات دورها فى العامين الماضيين وكذلك بقوة فى الفترة الأخيرة أعاد كثيرا من رسم ملامح خريطة التأثير والنفوذ فى الاقليم، حيث إن مصر الآن ليس كمصر منذ عشر وخمسة عشر عاما حيث هناك اشتباك سياسى ودبلوماسى وربما تكتيكى واستراتيجى فى قضايا الاقليم، حيث توسع وتشعب الدور والنفوذ للأذرع المصرية فى أكثر من قضية وحضور ومشاركة فى عديد القضايا.

ومن هنا تأتى أهمية الجولة التى قام ويقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسى لدول الخليج حاليا حيث بدأها بزيارة المملكة العربية السعودية الاسبوع قبل الماضى ثم دولة الامارات العربية المتحدة نهاية الاسبوع الماضى وأمس الأول واليوم الكويت والبحرين حيث هناك أهداف استراتيجية بالفعل من وراء هذه الجولة أبرزها بالفعل تمتين وتعميق علاقات الاخوة والشراكة الاستراتيجية لدول الخليج مع مصر، حيث إن الجميع فى المنطقة بات لديه قناعة تلامس اليقين بأن هناك عودة ورهانا كبيرا على دور مصري، فعال وعميق ومتجذر حاليا فى قضايا المنطقة، حيث لاحظ الجميع أن هذا الوطن وذاك الرئيس السيسى لم يغير قناعات بلده ومواقفه بشأن مواقف مصرية صلدة لقضايا وأزمات مستحكمة فى الاقليم، حيث تحضرنى هنا الأزمتان فى سوريا وليبيا حيث كانت ومازالت مصر تنتصر لصوت العقل والواقعية السياسية وانقاذ مقومات الدولة الوطنية فى أى عاصمة عربية تعرضت لرياح وأمواج الفوضى والتخريب والتدمير منذ سنوات ما يعرف بالربيع العربى الذى كان ومازالت ضرباته الارتدادية وبالا على العالم العربى ومن هنا كان الرفض المصرى المقاوم لتغيير أى قناعات مصرية بشأن ضرورة الحفاظ وتوفير الحد الأدنى من مقتضيات الأمن القومى العربى باعتباره فى النهاية سيشكل المرجعية الحامية لصد ومنع تغول وتوغل بعض دول الاقليم وأطراف خارجية أخرى على الحقوق والخرائط العربية وهذه رسالة بات يفهمها الجميع فى المنطقة أصدقاء وأعداء أن قوة وتأثير النفوذ العسكرى وهذا النجاح الخاطف فى اعادة التأهيل والهيكلة لجيش من أقوى جيوش المنطقة وعودة التمكين والتموضع للدور السياسى المصرى سيخلق جبهة مصرية ـ عربية ستشكل قوة ردع وأذرع طولى لتوفير سياجات حماية وشبكات آمان للمصالح والأمن القومى العربى والنفوذ العربى وفى المقدمة منه مصر لإفشال ومنع خطط العبث والتقسيم ومسارات الفوضى الجوالة فى أكثر من دول عربية ومن هنا كان ومازال التفاهم المصرى ـ الاماراتى على سبيل المثال على انقاذ الوضع فى ليبيا وكانت زيارة الرئيس السيسى للامارات ولقاؤه ولى العهد الشيخ محمد بن زايد لرسم آليات تنفيذ اتفاق الامارات الأخير الذى جمع قطبى الساحة الليبية فايز السراج والمشير خليفة حفتر وبالتالى جهد مماثل فى مصر مع بقية الأشقاء فى الخليج، كما يحدث حاليا وخلال زيارات ومباحثات موسعة فى العواصم الأربع سينتج عنه لاشك مبادرات ورؤى وتحركات لابد منها لأزمات فى اليمن باعتبار مصر عنصرا فعالا وحيويا فى التحالف العربى لانقاذ الشرعية هناك حيث إن تحرير اليمن وطرد النفوذ الايرانى فى البحر الأحمر هو مصلحة جامعة بين دول التحالف العربى وفى مقدمتها مصلحة مصر، مصلحة تعلو على كثير من التفاصيل الأخرى ناهيك عن تقزيم وتحجيم النفوذ المؤذى لإيران ضد دول الخليج والأمن القومى العربى وبطش وغل يدها عن استراتيجية التمدد والتوغل التى باتت تعتبرها سبيلا لتربع نفوذها وتأثيرها فى العالم العربى وقس على ذلك النجاح المصرى ـ الخليجى فى وضع مبادرات وتفاهمات مشتركة أزمات فى سوريا والعراق وغيرهما.

فى تقديرى أن كل العرب وغالبية دول العالم باتت تدرك أن مصر بات تلعب دورا مهما وايجابيا فى صيانة وترسيخ السلام والاستقرار والتنمية بالمنطقة وأن علاقاتها مع أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى والكبرى فى العالم مقبلة على آفاق أفضل وأرحب، حيث إن تغيير المعطيات الميدانية والسياسية حاليا بها حولها إلى الأفضل وأعاد لها حركية الدور والنفوذ والتأثير ، بأوضح عبارة أقول إن عودة هذا الدور والحضور المصرى فى الخليج وغيرها لن يكون فى صالح تركيا وإيران ولكنه فى صالح العرب ويبعث برسالة للجميع بأن هذا الوطن مصر بات يمتلك قوة الردع ضد كل من يعبثون بأمن مصر والمنطقة حتى يعودوا إلى رشدهم.. فهل فهمت الرسالة من جولة السيسى للخليج حاليا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف