الوفد
علاء عريبى
إهانة رموز الدولة
قرأت التعديلات التى يسعى بعض نواب البرلمان لإدخالها على مادتى إهانة رئيس الجمهورية(179)، وإهانة مؤسسات الدولة(184) من قانون العقوبات، حيث تم تغليظ العقوبة والغرامة، لكن الملفت فى مادة إهانة هيئات الدولة، أن أعضاء البرلمان أضافوا للمادة فقرة على قدر كبير من الخطورة، وهى إهانة رموز الدولة:« أو أى رمز من رموز الدولة المصرية». وهذه الإضافة سوف تفتح باب جهنم، لأن قانون العقوبات تضمن مواد للقذف والسب والضرب والركل والصفع، ومادة لإهانة الرئيس، وأخرى للتعدى على الموظف العام أثناء تأديته الخدمة العامة، وكلمة رموز هنا مطاطة وتحتاج إلى تعريف منضبط، من هم الرموز؟، المشرع خص قيادات الدولة وموظفيها وهيئتها بمواد فى قانون العقوبات تقضى بالحبس أو الغرامة فى حالات متعددة، فمن هم الرموز؟.
كلمة رمز جاءت فى القرآن بمعنى الإشارة والإيماء:« آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا- آل عمران 41»، بمعنى إيماءات أو إشارات صامتة توازى الكلمات المنطوقة، ويستخدمها البكم والصم، والرمز فى الكيمياء والفيزياء والهندسة والرياضيات: حروف بقصد الإيجاز، تقوم مقام الصوت، فهل من سعوا لإضافة كلمة الرموز قصدوا بها الإشارات التى يستخدمها البكم والصم أم الحروف والعلامات المستخدمة فى العلوم والرياضيات؟.
فى عام 2014 صدر حكمان فى اتهامات إهانة، الأول فى إهانة علم مصر، قضت محكمة قصر النيل برئاسة المستشار أحمد عبدالله، بحبس الشاب مايكل ميخائيل 25 سنة لمدة ستة أشهر، بتهمة إهانة علم بلاده بإشعال النيران فيه، الحكم الثانى كان من نصيب حازم أبو إسماعيل، حيث قضت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، بحبس حازم لمدة سنة مع الشغل، لقيامه بإهانة هيئة المحكمة خلال محاكمته فى قضية تزوير جنسية والدته.
يومها لفت انتباهى بشدة حجم العقوبة فى الحكمين، عقوبة إهانة هيئة المحكمة كانت أغلظ من عقوبة إهانة علم البلاد، وهو ما يثير التساؤل: هل هيبة هيئة المحكمة أهم من هيبة وقامة علم مصر؟، الإجابة: بالطبع لا، فهيبة علم مصر أكبر بكثير من جميع الهيئات القضائية، بل أكبر وأهم من جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة، وكذلك أكبر من الأفراد مهما علت وظائفهم، وأكبر من رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، وأكبر من المحافظ، وأكبر من مفتش التموين.
وأيامها كان السلفيون لا يقفون احترامًا لتحية العلم، وطالبنا بمعاقبة كل من يهين علم مصر، ليس من المقبول أن يحبس المواطن فى إهانة رئيس الجمهورية أو القاضى أو الموظف الحكومى ولا يعاقب بالحبس فى إهانة وطنه (مصر)، وأعد بالفعل مشروعًا بقانون يقضى بعقوبة الحبس لمدة ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى العقوبتين.
الغرض نتمنى أن تحذف كلمة الرموز، وأن نعيد النظر فى كلمة إهانة لأننا سوف نفسرها ونأولها ونطوعها ونمطها ونلويها ونثنيها حسبما نريد، وأن نكتفى بالمصطلحات المتفق عليها قانونيا: قذف، سب، ضرب، صفع. والله الموفق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف