طارق يوسف
عوائق قانون الاستثمار الجديد
لم أجد وصفاً دقيقاً لقانون الاستثمار الجديد الذى أقره مجلس النواب فى مارس الماضى إلا أنه قانون أعرج، ومضاعفاته ستؤدى إلى حدوث شلل اقتصادى بكل مفاصل الاستثمار فى مصر.
فالقانون الذى أقره مجلس النواب، والذى يحمل رقم 7 لسنة 2017، والذى قام على أنقاض القانون رقم 121 لسنة 1982 وضع عقبات أمام المستوردين تجعل الاستيراد والمستوردين ألعوبة فى أيدى المستفيدين الجدد فى هذه التعديلات، والتى بالطبع تصب فى مصلحة الشركات الكبيرة وتقضى على الكيانات الصغيرة والفردية وتجعلها تخرج من السوق لتضع كل ما تملكه فى جيوب الشركات الكبرى لمضاعفة مكاسبهم على أنقاض الشركات والكيانات الفردية الصغيرة، فعلى سبيل المثال ألزم القانون المنشآت الفردية بزيادة رأسمالها من عشرة آلاف جنيه طبقاً للقانون القديم رقم 121 لسنة 1982 إلى 500 ألف جنيه طبقاً لتعديلات القانون الجديد رقم 7 لسنة 2017، وبالنسبة لشركات الأشخاص فقد تضاعف رأس المال من 120 ألف جنيه إلى مليونى جنيه، أى أن رأس المال تضاعف مائة مرة، نفس الأمر تم إقراره مع المساهمة ليقفز رأس المال من مليون جنيه إلى خمسة ملايين جنيه، أما بالنسبة لاستخراج البطاقة الاستيرادية فكانت تكلف المنشأة الفردية فى القانون القديم ثلاثة آلاف جنيه كتأمين، والآن أصبحت 50 ألف جنيه، أما شركات الأشخاص فالأمر يختلف، حيث زاد المبلغ التأمينى من ثلاثة آلاف جنيه إلى 200 ألف جنيه، أى بزيادة تصل إلى 70 ضعفاً من التأمين القديم، ونفس الأمر للشركات ذات المسئولية المحدودة والشركات المساهمة، فقد زاد 70 ضعفاً أيضاً، ولو تجاوزنا هذه العقبات التى أثقلت كاهل المنشآت الفردية وشركات الأشخاص، فلن تستطيع الشركات التى لم تحصل على شهادة استيرادية قبل صدور القانون إلى استخراجها طبقاً للقانون الجديد لأنه ألزم هذه الشركات بتقديم حجم أعمال خلال العام المنقضى بما يوازى مليونى جنيه وللشركات المساهمة خمسة ملايين جنيه من واقع الإقرار الضريبى، مما يعنى قيام أصحاب هذه الشركات بإغلاقها لأن قلة العمالة وارتفاع أسعارها والركود بالأسواق وأسباباً أخرى لم تمكن هذه الشركات من الاستيراد بنصف هذا المبلغ أو ثلثيه على الأكثر، والحكومة خير شاهد على هذا الأمر خلال العامين الماضيين عندما فشلت بنوكها فى توفير العملة الصعبة للمستوردين وتركهم فريسة فى أيدى تجار العملة الذين قاموا بتعطيش أسواق العملة ورفع سعرها ثلاثة أضعاف عن ذى قبل فى ظل عدم وجود البديل المحلى الذى يدفع المستوردين إلى توفيره لإحداث توازن فى السلع والمواد الخام وقطع الغيار اللازمة لكل شىء.. لن أتطرق لأكثر من هذا لضيق المساحة، ولكن على الحكومة تدارك هذه المعوقات ودراسة رد فعل المستوردين الجادين وليس تجار ومستوردى لعب الأطفال وأطعمة الكلاب والقطط قبل أن نجد أنفسنا وقد جعلنا من الشركات الكبرى حيتاناً تبلع الشركات الصغيرة وتحطم عظام البسطاء من أبناء شعبنا المصرى الذى طال انتظاره للخروج من عنق الزجاجة.