صدى البلد
حسين مرسى
كل تأشيرة وفيها خيرة ..!!
أحد الأصدقاء كان يشاركني العمل في حملة ترشيح السيسي .. وهو رجل أعمال ناجح داخل مصر وخارجها .. ومشروعاته الناجحة تملأ الدنيا ورغم ارتفاع الأسعار ومشاكل الاقتصاد في مصر إلا أنه مازال ناجحا ويحقق المكاسب باعترافه شخصيا .

ويبدو أن المشاركة في حملة السيسي لم تكن لمجرد الاقتناع به كمرشح رئاسي فقد كانت هناك نوايا وأطماع أخرى بدأت في الظهور فور نجاح السيسي وبالطبع كان التغيير الوزاري حتميا فبدأ صديقنا العزيز في عرض نفسه ليحصل على لقب الوزير بعد أن قدم الدعم في الانتخابات الرئاسية وبدأ في طرح أفكاره للتطوير والتنمية وووو .. والتي لم تكن بجديدة ولكنه في كل الأحوال بدأ في عرض نفسه ليحصل على المكافأة التي ينتظرها .. منصب الوزير ولم ينكر ذلك على اعتبار أن هذا حقه !

ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن فلم يتم اختياره ضمن مجموعة الوزراء الجدد فبدأت اللهجة تتغير وبدأ الهجوم على الرئيس وسياسة الدولة واقتصاد الدولة المنهار والفشل المتعمد والانهيار القادم .. ولكن لا بأس من محاولة العرض مرة أخرى على أمل أن يكون هناك منصب آخر في المناصب العليا .. ولما انتهى الأمر إلى لاشئ بدأ صاحبنا في الهجوم المباشر على كل سياسات الدولة التي كان يؤيدها بكل قوته وطاقته وإمكاناته فتحول إلى النقيض تماما وأصبح من المعارضين لكل شاردة وواردة في سياسة مصر الداخلية والخارجية والاقتصادية .

وأصبح رافضا لأي قرار يتم اتخاذه حتى لو كان صحيحا .. وللأسف وجد ضالته في نشر كلامه هذا في بعض الصحف والمواقع بحكم اتصالاته ببعض الصحفيين وإن كانت مواقع وصحف محدودة الانتشار ولكن يبقى أن نشر السم لم يتوقف .. وهو بالفعل السم في العسل أو حتى السم مباشرة لافرق فقد أصبح اللعب على المكشوف .. إما الوزراة أو الهجوم والمعارضة عمال على بطال !

صديقنا العزيز نشر كعادته مؤخرا كلاما يهاجم فيه النظام الحالي وتحدث عن الانتخابات الفرنسية التي أتت برئيس شاب لم يكمل عامه الأربعين وان هذا بالطبع حلم لن يحدث في مصر الآن ولا في المستقبل القريب أو البعيد .. وبالطبع لم أندهش من كلماته لأني تعودت عليها منذ تغيرت رؤيته ونظرته وموقفه السياسي إلى النقيض بعد أن أصبح بعيدا عن أي ترشيحات وبعد أن كان في مقدمة المؤيدين والداعمين للرئيس ولنظامه!

ولكن ما شد انتباهي وأثارني إلى درجة الغضب هو رد أحد أصدقائه من رجال الأعمال أيضا الذين يحققون الأرباح الطائلة ثم يخرجون ليتحدثوا عن الفقراء ومحدودي الدخل .. رجل الأعمال كان رده مستفزا رغم أنه لم يتعد كلمات معدودة عندما قال " كل تأشيرة وفيها خيرة " وطبعا هو يقصد أنه سيترك البلد بما فيها رغم أنه يحسب من المليونيرات في مصر !

والأكثر غرابة واستفزازا هو رد صديقنا الأول عليه بكلمة واحدة مستفزة أيضا " هاحصلك " يعني من الآخر لا وطن ولا وطنية ولا يحزنون .. الأصل في كل ما يفعلون هو المصلحة .. مصلحتي أولا وأخيرا وبعد ذلك فليذهب الجميع إلى الجحيم وليذهب الوطن بما فيه ومن فيه إلى الجحيم .. ولتذهب الشعارات البراقة والعبارات الحماسية إلى حيث ألقت !!

والحق أني رغم غضبي لم أندهش من موقف الاثنين كما لم يدهشني موقف معظم رجال الأعمال الذين اقتحموا عالم السياسة بحثا عن المصالح الخاصة فحدث التزاوج بين المال والسياسة وكانت النتيجة الكارثية التي وصلنا إليها بعد ثلاثة عقود احتل فيها رجال الأعمال الصدارة في الحياة السياسية وأصبح لهم الكلمة الأولى والأخيرة في قرارات مصيرية وقوانين صدرت خصيصا لتحمي مصالحهم وأعمالهم .. وما أحمد عز وقانون مكافحة الاحتكار الذي صدر خصيصا له ليحمي احتكاره لصناعة وتجارة الحديد .. وأهو كله بفلوسهم واللي مش عاجبه الباب مفتوح !

وليس ببعيد سيطرة رجال الأعمال على الإعلام بعد أن أصبح لكل رجل أعمال قناة خاصة به وإعلامي ملاكي يوجهه حيث يشاء فيهاجم هذا ويمدح هذا .. بل ويهاجم الدولة والرئيس لو لزم الأمر إذا تعارضت القرارات الحكومية مع المصالح الخاصة لرجال الأعمال .. وليس ببعيد ما حدث من رجل أعمال تعثر في سداد ديونه للبنك الأهلي وعندما تمت مطالبته بسداد المليارات المدين بها أطلق قناته ورجله فيها على الدولة بكل ما فيها ومن فيها حتى تشتعل الأمور وتنسى الدولة مطالبتها للرجل بدفع ديونه !

هذه ياسادة هي ضريبة التوغل والتوحش الذي يمارسه رجال الأعمال الآن .. حماية مصالحهم أولا وتحقيق المليارات من دم الشعب المصري ثم تصدر المشهد السياسي والسيطرة عليه .. في الأحزاب .. وفي البرلمان .. وفي الصحافة والإعلام .. وفي الحكومة أيضا .

الخلاصة ياسادة أوجزها لنا صديقنا المليونير في عبارة واحدة "كل تأشيرة وفيها خيرة" يعني من الآخر " اللهم هجرة " والمصلحة ندور عليها في بلد تاني لو البلد دي هتتعبنا شوية .. عبارة حكيمة برضه .. مش كده ولا إيه ؟؟!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف