الجمهورية
عبدالــرازق توفيـــق
أمــــة في مفتــــــرق طـــــرق
لاشك أن الأمة العربية تواجه مخاطر وتحديات غير مسبوقة تتعلق بالوجود والبقاء في ظل مشروعات وأطماع من دول إقليمية علي رأسها إسرائيل وإيران وتركيا.. وقوي كبري تسعي لتنفيذ مخططات ومؤامرات التقسيم والتجزئة وإسقاط الدولة الوطنية في بعض الدول العربية مثل ليبيا وسوريا ومن قبلهما العراق ناهيك عن دول عربية للأسف تتآمر علي أمتها مثل قطر وتسعي للوقيعة بين دولها وتنفق المليارات حتي تسقط دولا كبري هي ركيزة الأمة وبدونها لا وجود لها.
ما بين العراق وسوريا وليبيا واليمن.. ومحاولات الوقيعة بين الدول العربية تكمن تفاصيل التهديدات الخطيرة التي تواجه أمتنا.. لذلك أدركت مصر مبكراً حجم الخطر والمخاطر التي تحدق بالأمة وبدأت القاهرة تتحرك بشكل متسارع لرأب الصدع ولم الشمل وإصلاح العلاقات والتصدي للكم الهائل من المؤامرات الإقليمية والدولية وكأن أمتنا تحولت لفريسة يتصارع عليها الذئاب.
ليس غريباً علي مصر وهذا قدرها أن تتحرك قبل فوات الأوان لأن الأمر يتعلق بقضية مصير وبقاء أمة بأكملها تتعرض لمحاولات استقطاع وتقسيم واستنزاف واستهداف وضرب للدولة الوطنية ومؤسساتها وإعادة ترسيم لحدودها وإرهاب أسود تم توظيفه لتحقيق أهداف دول إقليمية ودولية تقف وراءه بالدعم والمال والسلاح في حرب وكالة قذرة.
المخطط الإقليمي والدولي الذي يستهدف أمتنا العربية بالتقسيم يركز علي محاور عديدة تأليب الشعوب العربية علي حكامها بالاعتماد علي الطابور الخامس الموالي للخارج ودعمه بالمال والتدريب مثل ثورات الربيع العربي أو الوقيعة بين الدول العربية أو تصدير المرتزقة والعناصر الإرهابية بجيوش جرارة وإمدادها بالمال والعتاد لتنشر الخراب والدمار مثلما حدث في سوريا وليبيا.
جولة الرئيس السيسي الخليجية التي بدأت بزيارة المملكة العربية السعودية ثم الإمارات وبعدها الكويت والبحرين جاءت لتؤكد إدراك مصر للمخاطر والتحديات وضرورة التكاتف العربي لمواجهة التحديات والتهديدات والتصدي للمخططات والأطماع الإقليمية والدولية التي تستهدف الأمة العربية وأيضاً لم الشمل العربي والتوحد لمجابهة الأخطار المحدقة من كل صوب وحدب.
تأكيد الرئيس السيسي خلال زيارته الخليجية علي أن أمن الخليج من أمن مصر هو تجسيد لمقولة "مسافة السكة" وأن المساس بدول الخليج هو مساس بمصر والتي لن تسمح لطامع أو معتد الاقتراب من الأشقاء وهو ما يوضح ويفسر اتجاه مصر نحو تعزيز قدراتها وأدواتها وقوتها العسكرية ودعم قوة الردع وتطوير وتحديث وتزويد قواتنا المسلحة بأحدث منظومات القتال ليس لحماية الأمن القومي المصري فقط ولكن أيضاً الأمن القومي العربي وفي قلبه الخليج العربي.
فلا أحد ينكر خروج العراق وجيشها وما كان يمتلكه من قدرات ثم استنزاف قوة الجيش السوري في مواجهات مع التنظيمات الإرهابية وقوي التآمر وأيضاً خروج قدرات ليبيا وسقوط الدولة ومؤسساتها وأيضاً اليمن أصحاب معادلة توازن القوي في المنطقة بالخلل لصالح إسرائيل وإيران لذلك كان لابد من إصلاح هذا الخلل وتعويض الفارق فلم يتبق سوي الجيش المصري العظيم أقدم وأعطم جيوش الوطن ويمتلك القوة الرادعة القادرة بفضل قياداته الواعية والمدركة بحجم الأخطار وتبني الرئيس السيسي لاستراتيجية تسليح الجيش المصري وهو الأمر الذي جعله في مصاف أقوي الجيوش في العالم ويحقق ذلك العديد من الأهداف سواء لمصر أو أمتها العربية.
فلاشك أن المنطقة تقع علي فوهة بركان والحسابات فيها معقدة وهناك تحالفات فهناك أطماع ورغبات مريضة للتوسع وضرب الدول الكبري في المنطقة لإفساح المجال أمام القوة الإسرائيلية والإيرانية والتركية المدعومة من قوي كبري أو مباركة من قوي شيطانية تسعي لإشعال الشرق الأوسط والجميع يستهدف الأمة العربية وثرواتها وحدودها وشعوبها لذلك كان من الحتمي إعادة ترسيم منظومة القوة العربية من جديد وصياغتها بشكل يجعلها قادرة علي مواجهة كل هذه التحديات الخطيرة.
إدراك القيادة السياسية في مصر ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي لكل هذه التحديات جعل مصر تتحرك باحترافية وإدراك حقيقي لطبيعة عالم جديد يتشكل لا يعترف بالضعفاء عنوانه الرئيسي القوة والغلبة فيه لمن يمتلكها فلا مجال لصغير أو ضعيف.. ولعل ما حدث في 25 يناير 2011 جعلنا نفكر بشكل أكثر نضجاً وانفتاحاً علي أهمية أن تكون مصر هي القوة الرشيدة في المنطقة التي تردع وتحمي وتحقق التوازن في المنطقة بما تمتلكه من قوة ودور فاعل ورائد يجعلها موجودة بشكل رئيسي وكلاعب محترف في ترسيم ملامح ومعالم المنطقة بشكل لا يقبل المساس بأمتها العربية والعمل الدءوب علي حل مشاكل وأزمات الأشقاء اعتماداً علي شعوبها وليس حلولاً عسكرية مفروضة من الخارج أو مستوردة من قوي كبري لديها أطماع ومصالح لا تتسق مع مصالح الشعوب المخدوعة في وعود براقة وجوفاء عن الديمقراطية والنماء والرخاء لعل نموذج العراق ماثل أمام الجميع فلم يشهد البلد الشقيق سوي الخراب والدمار ولم يحصد سوي الأشواك والطعم المر.
الرئيس عبدالفتاح السيسي هو محل تقدير واحترام الأشقاء العرب وثقتهم فيه بلا حدود فهو صاحب الرؤية الصادقة في القول والفعل.. فمصر قوية بشقيقاتها وهي التي تتحمل تبعات وثمن أي سقوط لأي دولة عربية.
حديث الزعماء العرب عن مصر بأنها هي العمق الاستراتيجي لأمتها العربية وهي السند والحصن والتي لم تتأخر يوماً عن نداء أمتها وقضايا وتأكيدهم أن هناك بعض القوي والجماعات الإرهابية تحاول إفساد علاقات الأشقاء وضرورة مواجهة خطر الإرهاب ووقوفهم أيضاً دعماً لمصر ورئيسها يؤكد أن الأيام القادمة سوف تشهد حلفًا عربيًا لمواجهة الإرهاب الأسود الذي يستهدف الشعوب العربية والدول الوطنية وأيضاً اتحادًا يجمع كل مكونات الأمة العربية من اقتصاد وقوة عسكرية وتنسيق مشترك لمواجهة المخططات والأطماع والمؤامرات الإقليمية والدولية.
الرئيس عبدالفتاح السيسي وهو الرجل الذي أنقذ مصر من خطر السقوط والضياع وعبر بها إلي بر الأمان واستعاد قوتها ودورها الإقليمي والدولي.. وأشعرنا بالمعني الحقيقي لكلمة وطن في ظل منطقة تشهد صراعات ومتغيرات عاصفة.. هو قادر أيضاً بصدق رؤيته في إعادة ترتيب البيت العربي ولم الشمل لإنقاذ الأمة العربية من مخططات الشبكات ومحاولات الابتزاز والاستنزاف وإيجاد القوة والقدرة لدي هذه الأمة لحماية مصالحها وثرواتها وحدودها ومؤسساتها من الأطماع والمؤامرات.
إذا صدقت النوايا واستمعت الدول العربية لرؤية مصر وتصورها والرغبة الصادقة في توحد دولها واستفادت من خبراتها وقدراتها في قيادة الأمة وهي تستطيع توفير الحماية لأمتها إذا توحدت الإمكانات واتحدت واتجهت نحو هدف واحد هو أن ثروات الأمة وإمكانياتها هي للأمة وليس لتسول الحماية والأمن والاستقرار من القوي الكبري فمصر الكبيرة قادرة علي ذلك إذا أصرت الدول العربية علي طرد الشاردة منها والتي تتآمر عليها وفي مقدمتها قطر أو تلك الدول التي تحاول أن تنازع مصر مكانها ومكانتها فالقيادة والقوة قدر كتب لمصر وهذا حقها تاريخياً وجغرافياً واستراتيجياً.
الرئيس السيسي يتمتع بصدق كبير وحرص غير مسبوق علي توحيد صفوف أمته العربية وإنهاء الخلافات وحل المشاكل والأزمات وحشد الدول علي قلب رجل واحد لمواجهة الطوفان القادم والذي يهدد وجود هذه الأمة وثرواتها وإمكانياتها وحدودها بإذكاء الفتن والصراعات وتأليب الشعوب فلا يمكن أن يطلب العرب الحماية ممن يهددهم ويطمع فيهم ويسعي للانقضاض عليهم.
تعلموا من القوات المسلحة
شرفت الاثنين الماضي بحضور مراسم تسليم وتسلم قيادة الجيش الثاني الميداني من اللواء ناصر العاصي إلي اللواء خالد مجاور الذي شهده الفريق أول صدقي صبحي القائد العام وزير الدفاع الحالي وبحضور المشير طنطاوي.. خلال الاحتفال تأملت الكثير والكثير من الرسائل التي يبعث بها هذا الحدث الكبير والتقليد الراسخ والأصيل الذي يمثل مبدأ مهم وأساسي في جوهر عقيدة قواتنا المسلحة حتي نتعلم منها في حياتنا معني الوفاء والاحترام للقيادات السابقة التي أخلصت وبذلت الجهد والعرق وتمتعت بأعلي درجات الوطنية من أجل مصر.
حضور المشير حسين طنطاوي لحفل التسليم والتسلم وهو القامة الكبري والشخصية الوطنية العظيمة التي قادت الجيش الثاني في إحدي الفترات وهو أيضاً من قاد القوات المسلحة في فترة مهمة من تاريخ مصر وحفظ لها قوتها وقدرتها وحافظ عليها وعبر بمصر خلال وبعد 25 يناير 2011 إلي بر الأمان.
قوبل المشير طنطاوي بحفاوة وتقديرين كبيرين من الفريق أول صدقي صبحي القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي وجميع قيادات القوات المسلحة وجاءت كلمات الفريق أول صدقي صبحي لتؤكد هذا المعني النبيل للوفاء عندما قال إن التاريخ سيذكر بفخر واعتزاز دور المشير حسين طنطاوي في العبور بمصر إلي بر الأمان في أدق الفترات وهو دور وطني عظيم ولن أتطرق إلي البروتوكول والمراسم التي حرص عليها القائد العام ورئيس الأركان.
الرسالة الثانية هي أهمية احترام قيمة وعطاء القيادات السابقة فالتغيير لا يعني المساس بقواعد الاحترام لعطاء الرجال فاللواء ناصر العاصي أوضح في كلمته حجم الإنجازات التي تحققت خلال فترة توليه المهمة وأبرزها النجاحات في الحرب علي الإرهاب والحفاظ علي أمن وأمان قناة السويس وتطرق إلي قسمه بالتضحية بالروح والدم وتقديمه لنفسه بأنه اللواء أركان حرب مقاتل وهنا أتوقف عن لفظ مقاتل وهو قائد جيش أكبر تشكيلات القوات المسلحة لكن ذلك لا ينفي عنه لقب مقاتل في العمل والتضحية والنداء.
اللواء خالد مجاور الذي أشاد بجهود وإنجازات سابقه اللواء العاصي وأقسم بمواصلة النجاحات والتضحية في سبيل الحفاظ علي أمن مصر وسلامتها بالروح والدم.. هذه الرسالة نحتاجها في علاقات المجتمع في مصر خاصة في العمل بين القيادات التي يجب أن تقوم علي الاحترام المتبادل ولا يمكن لمسئول أن يلغي إنجازات أو نجاحات من سبقوه وعلينا أن نفكر في ترسيخ عملية التسليم والتسلم في المجتمع المدني لنشر روح الاحترام والتقدير والعطاء.
القوات المسلحة وقادتها العظام السابقون والحاليون يعلموننا الكثير من المعاني النبيلة سواء الانضباط والاحترام والوطنية والتجرد وإنكار الذات والوفاء للقيادات السابقة ودورها الوطني والتضحية من أجل الوطن وإعلاء مصالحه العليا دون النظر إلي المصالح الشخصية بالإضافة إلي التنظيم والتنسيق والتخطيط والإرادة والقدرة علي التنفيذ لذلك تحظي القوات المسلحة بالنجاح وتحقيق الإنجازات في أزمنة وتوقيتات قياسية بالإضافة إلي الإنتاج بأعلي جودة وبأقل وقت وتكلفة كما يؤكد الرئيس السيسي.. فالجيش المصري ليس له مصلحة سوي أن يري مصر في أفضل مكانة وأمنها القومي محظوظ بتضحيات رجالها وبطولاتهم هكذا تعلمنا القوات المسلحة كل يوم المعني الحقيقي للوفاء والاحترام والعطاء دون انتظار المقابل والاحترام بعيداً عن الفوضي والانفلات الذي تشاهده في القطاعات المدنية التي تعتمد علي الصراعات والخلافات ومحاولات تجريد وتجريح الآخرين.. تعلموا من القوات المسلحة يرحمكم الله.
حصـــــــــــار الغـــــــــــلاء
أشم رائحة نجاح كبير خلال الفترة القادمة في هزيمة الاحتكار والجشع والغلاء.. حيث تتحلي الدولة بإرادة قوية علي تحقيق هذا الهدف وتوفر البدائل وتسعي إلي نشرها بحيث تصل إلي متناول كل مواطن.. فالقوات المسلحة تقود الحرب علي الغلاء بمنافذ ثابتة ومتحركة وصلت ليس فقط في المحافظات والمدن الكبري ولكنها وصلت إلي القري والنجوع وكذلك وزارة الداخلية من خلال منافذ أمان وحتي وزارة الأوقاف قررت المشاركة في المعركة بألف منفذ في المساجد لتوفير احتياجات الناس طبقاً لقدراتهم ووزارة الزراعة أيضاً حاضرة بمنافذ كبيرة ومنتشرة وتوفير منتجات محلية ذات جودة عالية.
وتشهد وزارة التموين أيضاً نجاحات كبيرة في هذا المجال من خلال المجمعات الاستهلاكية التي يتوافد عليها المواطنون واستعادة الثقة في منتجات الدولة ولعل معرض أهلاً رمضان بمشاركة أكثر من 200 شركة بتخفيضات 30% سوف يحقق نجاحاً كبيراً ليتواري الجشع والاحتكار والكرُه أصبحت في ملعب المواطن وعليه أن يختار ويتعب بعض الوقت ويصل إلي هذه المنافذ ليحصل علي ما يريد بعيداً عن التجار الجشعين.
ولا يمكن أن نجلد الحكومة وننتقدها طوال الوقت فهناك إيجابيات كثيرة آخرها مبادرة المليار جنيه وزيادة دعم البطاقات التموينية لمساعدة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود لتوفير احتياجات وهو ما يحرص عليه الرئيس السيسي دائماً من خلال التوسع في برامج الحماية الاجتماعية وفي اعتقادي أن أهم فئة يضعها الرئيس في أولوياته هي الطبقة "الشقيانة" التي تفوقت علي النخب العفنة في الوعي والإدراك لخطورة ما تتعرض له بلادنا من مؤامرات وسوف يحصد هؤلاء المواطنون علي الخير الوفير في القريب العاجل.
تحيـــــا مصــــــر
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف