المساء
محمد جبريل
ميدان القلعة.. متي يسترد مكانته؟!!
أتاحت لي القراءات في تاريخ القاهرة. أن أتعرف إلي المكانة الحقيقية التي كانت لميدان القلعة. أو ميدان الرميلة كما كان يسمي إلي زمن قريب.. وربما هي التسمية التي لا يزال الكثيرون يستخدمونها.
كنت أعبر الميدان في ترددي علي المناطق المحيطة بالقلعة: جوامع السلطان حسن. والرفاعي. والسيدة عائشة. وشارع محمد علي. والمحجر. وعرب اليسار. ودار المحفوظات. وسوق السلاح. وباب الوزير.. وغيرها من معالم المنطقة.. أدركت "بالقراءة" قيمة هذا الميدان في التاريخ المصري. كانت جيوش المماليك تجري فيه تدريباتها. وكان السلطان ينزل إليه لأداء صلاة العيدين. ويستقبل سفراء الدول الأجنبية. ويحضر المهرجانات واحتفالات المناسبات الدينية والوطنية. ويودع كسوة الكعبة في طريقها إلي مكة.. كما صار الميدان ساحة لألعاب الخيل. ولإعدام الخارجين علي الحكام. ثم تحول إلي ساحة لمظاهرات المصريين ضد المماليك. وحملة بونابرت. ومن تولي حكم البلاد بعد رحيلهم. وكان للزعامة الشعبية لحجاج الخضري إسهامها المباشر في ثورة الجماهير ضد الوالي خورشيد باشا. وتولية محمد علي بدلاً منه. وكما تشير وقائع التاريخ. فقد تخلي محمدعلي عن تعهده بالعمل لصالح المصريين. جعل الميدان. ومصر كلها. موضعاً لمظالم قاسية. سعياً لتحويل مصر إلي إمبراطورية يتوارثها أبناؤه. مماثلة لدولة الخلافة. أو تفوقها.
عاش الميدان أحداثاً كثيرة. أفاد منها المصريون. وأضيروا. لكنه بقي أثراً لا يقل في أهميته عن التراث المصري في توالي العقود.
إذا كنت ـ مثلي ـ محباً للتاريخ. وحريصاً علي إعادة التعرف إلي تاريخنا الحضاري. فلعلي أنصحك أن تحذف ميدان القلعة أو الرميلة من برنامجك. لم يعد الميدان كما كنت تقرأ عنه. حتي في كتب القدامي. ولم يعد في الصورة التي ربما رأيته فيها منذ سنوات قليلة. تبدلت صورته كساحة أسفل قلعة الجبل. تصعد منها الوفود إلي أعلي القلعة. أو تنزل منها إلي قلب المدينة.. خلا الميدان من ذلك كله. صار موقفاً للمواصلات العامة. بداية بالأتوبيسات. وانتهاء بعربات الكارو. وضاق بالعشوائيات التي شوهت ملامحه.
لو أن المشروعات السياحية اتجهت إلي ميدان القلعة أفادت من التاريخ والتراث في صياغة واقع جديد. يعيد إلي الميدان قيمته الحضارية.
تحويل الميدان إلي ساحة للأنشطة السياحية والتجارية أجدي من المشروعات الأسمنتية التي يسعي بعض رجال الأعمال لإنشائها بمنطق أبراج الإسكندرية. فلا تتواري القلعة خلف طوابقها العالية!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف