الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
الشاعر كمال عبدالحليم
طبعت وزارة التربية والتعليم حسبما تسعفني الذاكرة كتابا بعنوان "المعركة في الشعر العربي" تضمن قصائد وطنية عديدة أنشدها شعراء الخمسينيات أثناء العدوان الثلاثي سنة .1956
كان من أبرز الأناشيد قصيدة "الله أكبر" للشاعر الإسلامي عبد الله شمس الدين أدته المجموعة بقدرة واحتراف ونجاح عظيم وصار نشيدا مثيرا للحماس والوطنية والايمان معا. أذكر أن بعض البلاد العربية وأظنها العراق في فترة عبدالسلام عارف اتخذته نشيدا وطنيا وسلاما جمهوريا يعزف في المناسبات الوطنية.
من بين هذه الأناشيد وأجملها. وأكثرها تعبيرا عن الوطنية المصرية وكفاحها ضد الاستعمار ما أنشده الشاعر كمال عبدالحليم والذي هتفت به المطربة فايدة كامل صاحبة صوت من اقوي الأصوات العربية علي الاطلاق وأجملها في أداء الأغاني الوطنية مليئا بالحماس والقوة. واثارة العواطف الوطنية يقول النشيد: دع سمائي فسمائي محرقة. دع فتاتي فمياهي مغرقة. واحذر الأرض فأرضي صاعقة. هذه أرضي أنا وأبي ضحي هنا وأبي قال لنا مزقوا أعداءنا. ثم ينتقل الشاعر للتعبير عن كل الشعوب المناهضة للاستعمار والمقاومة لاستغلاله في فلسطين والجزائر والملايو.
ومع جمال النشيد وتعبيراته الحماسية القوية إلا أن صوت المطربة فايدة كامل أضفي عليه من الجمال والابداع والحماس والجدية ما هز المشاعر واثار العواطف الوطنية.
كنا صغارا في المرحلة الابتدائية وكان الشعر ينساب في أعماقنا ويؤثر في أرواحنا مسيطرا علي خيالنا وعقولنا فهزت هذه الكلمات أعماقنا وكنا ننشدها فيما بيننا نتمعن في كلماتها ونسعد بمعانيها الوطنية الجميلة.
الملاحظ ان الشاعر كمال عبدالحليم صاحب النشيد ما عاد أحد يذكره أو يذكر شعره.
قيل لي انه كان يباشر نشاطه فيما يسمي بدار الفجر في طنطا. يعرفه أهل اليسار في المدينة. متواضعا وطنيا مخلصا لمصر.. كان يعتنق الفكر الشيوعي ظنا منه وايمانا أن ذلك في مصلحة الوطن والشعب الذي أحبه ويعشقه ونشيده سالف الذكر يفيض حماسا واشتعالا وطنيا فريدا. ومهما اختلفنا معه في معتقده إلا أن كلمة الحق نقولها.. الواقع أن كثيرا من أهل اليسار وطنيتهم فياضة واخلاصهم لمصر لاشك فيه وولاؤهم للرئيس جمال عبدالناصر فاق الحدود رغم ما أصابهم من اعتقال في عصره فضلا عن أن معظمهم ذو ثقافة واسعة وأصحاب اتجاهات فنية راقية.
نعود إلي هذا الشاعر الذي اختفي واختفت معه اخباره واشعاره ولم يبق في ذاكرة بعض المثقفين سوي نشيده الجميل.
فهل يجود الزمان بناقد أو أكثر يلقي الضوء علي حياته وعلي أشعاره إذ أن من حق شباب المثقفين أن يعرفوا حياة المبدعين في مصر وآثارهم أولئك الذين سكت عنهم الزمان حتي لا يشعر ذووه أن ما أصابه من عشق الأدب والشعر لم يعد عليه بغير النسيان وقد يكون الحرمان أيضا.
أناشد كبار النقاد خاصة الذين عاصروا هذا الشاعر العظيم أو كانوا قريبين من عصره أن يمنوا علي الثقافة العربية بتقديم هذا الشاعر الجميل المتحمس لجمهور الثقافة في العالم العربي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف