أصر الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلي للتنظيم الإعلامي علي تأجيل إعلان أسماء القيادات الصحفية الجديدة. والذي كان مقرراً خلال الأيام القليلة الماضية وأكد في تصريحاته- الاثنين الفائت- أمام لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب علي التمسك بقراره بحكم مسئوليته عن الإعلام المصري عموماً. والصحافة المصرية علي وجه الخصوص. والتي تحتم تدخله لضمان عدم الزج بالمؤسسات الصحفية القومية إلي منعطف خطير. فالمهنة بحسب تعبيره تواجه مشكلة عصيبة. ومن ثم فلا مناص من التوافق أولاً علي خطط الإصلاح. والتريث ثانياً لحين صدور قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي بات جاهزاً لمناقشته في مجلس النواب. ولا يختلف إعلاميان علي حكمة الأستاذ مكرم. وصحة توجهه في هذا الشأن فلن تستطيع القيادات الجديدة مهما حملت من رؤي وأفكار تحمل تلك المهمة الثقيلة في كافة المؤسسات الصحفية القومية. ما لم تحل مشاكلها وفي مقدمتها الأزمات الاقتصادية. ومخطئ من يظن أن الخلاف علي بعض الأسماء المرشحة للإدارة أو التحرير وراء تأجيل القرار. فالمواد "27-29" في الفصل الأول من الباب الثالث بالقانون الجديد تنص علي تمتع الهيئة الوطنية للصحافة بالاستقلال. وممارسة مهامها واختصاصاتها وعدم جواز التدخل في شئونها. باعتبارها هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية وهي صاحبة الحق الأصيل في إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة ملكية خاصة. وعلي عاتقها تقع مهمة تطوير الصحف القومية وتنمية أصولها وضمان تحديثها واستقلالها وحيادها.
وبناء عليه فقد تحولت القرارات الوشيكة بالتغييرات الصحفية إلي قرارات رهينة بإدراج نص جديد بقانون الصحافة والإعلام يعطي الحق لرئيس المجلس الأعلي لدعوة هيئات مكاتب الإعلام الثلاث للاجتماع والتشاور بشأن سيناريو الإصلاح قبل اختيارات رؤساء مجالس إدارات وتحرير المؤسسات الصحفية فقد يصبح المرشح المناسب الآن غير مؤهل لتحمل المسئولية غداً وفي الوقت الذي طالب فيه الأستاذ مكرم بمساندة مجلس النواب للهيئات الإعلامية. فقد أودع خطاباً رسمياً لدي أمانة لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب يتضمن ملاحظاته علي مشروع القانون رغم تأكيده علي أن القانون قد استوفي الشروط الدستورية فيما يتعلق باستقلال المؤسسات الصحفية واحترام الرأي الآخر. إضافة إلي مطالبته بضرورة الإسراع في إصدار قانون حرية تداول المعلومات.
وحول التسريبات أو الشائعات المتناثرة خلف جدران المؤسسات الصحفية بشأن تقليص صلاحيات القيادات الجديدة فتلك مجرد بالونات لمعرفة رد الفعل في الشارع الصحفي فمثل تلك الشائعات تفرغ المهنة من مضمونها وتغلق الأبواب تماماً أمام أي مشروعات وأفكار تستهدف تنمية وتطوير المؤسسات الصحفية كما أنها تتناقض مع نصوص قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد الذي ينص صراحة علي استقلالية الهيئات الإعلامية.
ودعونا نتفق علي أن المنظومة الإعلامية أحد أهم مصادر القوة الناعمة المصرية وأكثرها تأثيراً في مختلف فئات الشعب علي اختلاف ثقافاتها باعتبارها من أهم المؤسسات التنويرية وعلي عاتقها تقع مسئولية محاربة التطرف والارهاب وكافة أشكال العنف والتمييز ومن الأهمية بمكان ان يتم اختيار شخصيات علي قدر المسئولية لقيادة المؤسسات الصحفية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد فلا معني لصحافة منحازة ولا معني لفضائيات هدامة فالإعلام الحر- وحده- هو القادر علي مواجهة مخاطر اقتصاد منكمش وفساد متغول وإرهاب غادر فكيف لصحافة مكممة أو فضائيات موجهة المساهمة في التصدي لمثل تلك القضايا التي تأتي علي قائمة أولويات إنقاذ الوطن.