المساء
حسن حامد
للخلف در أم معتدل مارش
السفير عبدالرءوف الريدي رئيس مكتبة مصر العامة قال أمام البرلمان أن مصر تحتاج إلي إنشاء 10 آلاف مكتبة لنكون مثل إسرائيل. أو إنشاء 5 آلاف مكتبة لنكون مثل إيران أو إنشاء ألفين مكتبة لنكون مثل الأردن. لأن مصر تأتي في آخر تصنيف المكتبات العامة وتحتل مركزاً متدنياً في البحث العلمي.
ويقول السيد أبوالفتوح الفرماوي مهندس إرشاد بالإدارة العامة لصرف النوبارية أن أي دولة محتاجة لكي تتقدم أن تدفع مسيرتها إلي الأمام. لكن مصر بالذات لكي تتقدم محتاجة ترجع للوراء علي الأقل 100 سنة. في هذا التوقيت كان الجنيه المصري أغلي من الجنيه الذهب. بينما هو الآن مفروم فرمة اللحمة منتهية الصلاحية. وكانت القاهرة أجمل مدينة في العالم. وهي الآن تنافس علي مركز متقدم في القذارة. وكانت نسبة البطالة 15%. وهي الآن وصلت لأكثر من 55%. وكانت تصدر ولا تستورد وكانت تقرض ولا تقترض وكانت تقود المقادير بكلمة فاصلة من فمها أو إشارة حاسمة من يدها.
وكانت مصر الأولي علي العالم في السكك الحديدية والإذاعة وإنتاج القطن والزراعة. وهي الآن الأولي في قلة الضمير وفي الفوضي والزحمة والمناطق العشوائية والبلطجة ووضع اليد. وكان يهاجر إليها شباب إيطاليا واليونان للعمل لتأمين مستقبلهم. بينما يهاجر شبابها الآن هجرات غير شرعية بسبب ضيق الحال وينتهي بهم الحال إلي الغرق والموت.
وأذكر كذلك المصارع العالمي طارق عبدالسلام الذي رفض الاتحاد المصري علاجه ولعب باسم دولة بلغاريا وفاز بالميدالية الذهبية في المصارعة وحقق المركز الأول علي العالم. وحسرته علي أنه كان يتمني أن يرفع علم بلاده مصر بعد الفوز وتنصيبه بطلاً لأوروبا. وتحذيره أن هناك لاعبين سوف يلعبون باسم أمريكا.
وكثيرة هي النماذج التي تفضح موقعنا المتدني بين الدول في كل شيء. في التعليم وفي الصحة وفي التكنولوجيا وفي غير ذلك من المجالات. وكثيرة هي النماذج التي تفضح ايضا حجم ما وصلنا إليه من الاستهلاك في كل شيء. لدرجة أني أخذت أفكر وأتأمل حالنا لأجد شيئاً واحداً نتميز به أو ننفرد به ولم أجد للأسف إلا "الفشخرة".
يسير أحدنا في أي مكان ولا تجد في جيبه مليماً واحداً بينما تجده يحمل تليفوناً محمولاً آخر حداثة. ويتحدث أحدنا عن فيلل وشاليهات التايم شير والسباحة في شواطئ العراة بينما تحتاج ملابسه إلي الغسيل. وتجد أحدنا يتحدث منتقداً ارتفاع أسعار السيارات والوقود بينما هو عاطل لا يملك قوت يومه.
مصر لم تعد مصر. حتي أنها لم تعد غيرها من أصغر الدول وأدناها. أنظر إلي ماليزيا وإلي سنغافورة بل أنظر إلي تشاد وإلي جيبوتي بل أنظر إلي غير ذلك من الـ 196 دولة مستقلة في العالم وقارن بيننا وبينها. ستعرف أين نحن. وهل مصر بالفعل تحتاج إلي الخلف در مائة سنة أم معتدل مارش مائة سنة للأمام؟

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف