السيد العزاوى
وتحقق رجاء الرسول في ليلة النصف من شعبان
رحمات رب العالمين تجلت في تكريم سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم فقد استجاب الحق تبارك وتعالي لرجاء الرسول "قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون" 144 البقرة. فقد كان الرسول يتطلع إلي ربه مؤملاً في أن يحول اتجاهه في الصلاة إلي المسجد الحرام بمكة المكرمة بدلاً من الاتجاه إلي بيت المقدس ورب العالمين يعلم السر وأخفي فقد حقق ما يدور في خاطر الرسول الكريم أثناء تقلب وجهه في السماء طامعاً في الاستجابة لهذه الرغبة خاصة "أن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً" آمال ورغبات ونداءات استمرت من الرسول الكريم علي أمل أن يتحقق ويتحول المصلون إلي البيت العتيق وجاءت الاستجابة لرغبة الرسول صلي الله عليه وسلم في هذه الليلة المباركة.
وعقب أن تحقق هذا الأمل وتنفيذاً لتعليمات الحق تبارك وتعالي تحول المسلمون في صلاتهم إلي البيت الحرام ولايزال هناك في أم القري مسجد يحمل اسم "مسجد القبلتين" باعتباره قد شهد هذا التحول والانتقال إلي القبلة الجديدة التي أمر الله سبحانه وتعالي بالاتجاه إليها.. وبمجرد أن انطلقت هذه المعلومات وعرف الناس بأمر الله بالاتجاه للبيت العتيق ثارت الأقاويل وانطلقت ألسنة البعض تتناول هذا الحدث بأقاويل اعتبرها الحق تبارك وتعالي سفاهة وتطاولاً لا يليق بأي حال من الأحوال. هؤلاء السفهاء أخذوا يرددون ما الذي دفعهم للتحول عن المسجد الأقصي في الصلاة وأشياء أخري ما كان يليق بهم أن يتناولوها حيث إن هذه الأقاويل سفالة وجهالة وكان علي هؤلاء أن يكفوا عن مثل هذه الأقاويل التي يرددونها استهزاء وسخرية لكنهم لم يكتفوا بذلك بل زادوا في تطاولهم قائلين وأين ذهب أجر الصلاة التي قد اتجهوا فيها للمسجد الأقصي. لقد رد الله سبحانه وتعالي علي هذه الأقاويل التي انطلق السفهاء يرددونها وجاء الرد في آيات من القرآن الكريم يجدر أن نضعها أمام الجميع خاصة هذه الأيام التي يتعرض فيها الدين الحنيف لحملات التشويه والزعم بأنه يدعو للتطرف زوراً وبهتاناً يقول ربنا رداً علي هؤلاء السفهاء وأقاويلهم وقاطعاً الطريق علي كل هذه السفاهة وذلك التطاول الذي لا يليق بأي حال من الأحوال يقول الحق سبحانه: "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم" ثم أوضح أن أمة الإسلام هي أمة وسط وأنهم سيكونون شهداء علي الناس وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وهو القوي العزيز "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا علي الذين هدي الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم" 143 البقرة. حقائق وتوضيح لهؤلاء الذين انقلبوا ضد الرسول وأخذوا يرددون هذه الأقاويل وتلك السفاهة وكذلك معرفة الذين استجابوا ونفذوا تعليمات رب العالمين إلي رسوله الكريم في الاتجاه في الصلاة إلي البيت الحرام وقد شاءت إرادته سبحانه وتعالي أن تكون هذه قبلة المسلمين في شتي بقاع الأرض مشيراً إلي أن أهل الكتاب الذين يرددون هذه الأقاويل يعرفون الحقيقة كمعرفتهم لأبنائهم لكنهم يتجاهلونها افتراء ومما زاد الأمر سوءاً أنهم طلبوا بأن يتجه الرسول إلي قبلتهم يوماً وهم يتبعون قبلته يوماً في سبيل الشوشرة والتضليل بهتاناً وزوراً وقد جاء الرد واضحاً في هذه الآية الكريمة "ولن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين".
تلك هي الحقائق وتلك هي الصورة التي سجلتها آيات القرآن الكريم توضح الأمور حول التحول من المسجد الأقصي إلي بيت الله الحرام بأم القري. وما جري من السفهاء.. وكذلك تجاهل بعض أهل الكتاب لتلك الحقائق التي يعرفونها جيداً.. هذه دروس تؤكد أن من يتجه إلي الله فإنه سبحانه لن يخيب رجاء عبده. كذلك "ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" ليتنا نتعلم ونعي هذه الحقائق ونحن نؤدي الصلاة خمس مرات في اليوم. نسأل الله يتقبل منا صالح الأعمال والأقوال ورجاء إلي رب العالمين أن يهدي الضالين إلي الصراط المستقيم وعلي الجميع عدم الالتفات لأقوال السفهاء في كل عصر ومصر هدانا الله جميعاً سواء السبيل.