الأهرام
د . رفعت السعيد
د. على جمعة.. وخوارج العصر (1-5)
وأوفى فضيلة الدكتور على جمعة بوعده لي. ففى مؤتمر بمكتبة الإسكندرية حول مواجهة الإرهاب تحدث فضيلته، عما يجرى من أعمال إجرامية وقتل واغتيالات وتفجيرات.. وقال أنهم خوارج العصر. ووعد المكتبة بأن يهديها نسخا من كتاب يعده مع عدد من الباحثين تحت عنوان «الرد على خوارج العصر» ثم قال: «ونسخة أخرى أهديها لشخص قرأت عديدا من كتبه وأعجبت بها» هو «رفعت السعيد». وأوفى فضيلته بوعده فأرسل الكتاب الكنز. خمسة مجلدات مجلدة تجليدا فاخرا مجموع صفحاتها 1250 صفحة من القطع الكبير. ومنذ وصلنى هذا الكنز وأنا غارق فى بحر معلومات لا ينضب وتحليلات متقنة وكاشفة لحقيقة التأسلم المعاصر ومؤكدة أنهم بالفعل خوارج العصر. وفى المجلد الأول نقرأ فى الصفحة الأولى - الرد على أصول خوارج العصر- تأليف مجموعة من العلماء والباحثين- تحرير ومراجعة د. مجدى عاشور المستشار العلمى لفضيلة مفتى الديار المصرية - بإشراف وتقديم أ.د. على جمعة- عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف (2016). ويبدأ فضيلة د. على جمعة «أن العالم الإسلامى» بل العالم الإنسانى كله قد ابتلى فى هذا الزمان بانتشار جماعات من التكفيريين وسطوة فرق من الإرهابيين أساءوا للدين الإسلامى وشوهوا صورته فى العالمين بالكذب والبهتان والمغالطات التى ابتدعوها وروجوا لها وراحوا يسفكون الدماء ويعملون القتل والتقتيل فى عباد الله وهؤلاء هم ورثة الخوارج الذين حذرنا سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بدعهم وعدوانهم وقد توعدهم بأنهم من أهل الجحيم حيث قال «الخوارج هم كلاب النار» (رواه ابن ماجة) وذلك لأنهم اتبعوا سنن المنافقين حيث انهم يظهرون الطاعات ويبطنون ما لا يرضى الله ورسوله من بدع ومغالطات كما قال تعالى «يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول» (النساء 108) (ص5).. ويتحدث فضيلته عن الكتاب فيقول: وبين أيدينا كتاب مهم، عمل على وضعه وجمعه مجموعة من الباحثين العلماء وكان الغرض منه تفكيك الفكر المتشدد بنقض بعض امهات المسائل التى يرتكن إليها مع عدم الغفلة عن التطبيقات والفرعيات التى أخرجها ذلك الفكر الأبتر بناء على تأصيلاته الفاسدة من خلال جولة فى بعض العلوم الشرعية كالعقيدة والحديث الشريف وأصول الفقه وقواعده، والفقه الحضاري، وذلك العرض والتفكيك تناوله الكاتبون عبر اعتبارات متعددة، وبأنفاس مختلفة كلها مفيد ونابع من مشكاة واحدة وإن اختلفت طرائقهم وتباينت مداخلهم» ويمضى فضيلته قائلا: «والكارثة أن من تبنوا هذه الأمور وتبعاتها يحسبون أنهم على شيء، وأنهم مجاهدون، وأنهم مصلحون وأنهم يحسنون صنعا كما قال تعالي «قل هل ننبئكم بالأخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا» (الكهف 103).. وقد نبهنا النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى نحو ذلك فى قوله «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم، ويقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» (رواه البخاري) ويواصل فضيلة الشيخ على جمعة فى مقدمته «فكأن أولئك هم ورثة المنافقين الذين خرجوا على جماعة المسلمين فى عهد سيدنا رسول الله وأنشأوا لأنفسهم مسجدا، وأقاموا جماعات خاصة موازية فيما سمى فى سيرة سيدنا رسول الله «بمسجد الضرار» والذين نزل فيهم قوله تعالى «والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن أن أردنا إلا الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون» (التوبة ـ 107) «فالمنافقون فى عهد سيدنا رسول الله اظهروا الطاعة، حيث اقاموا مسجدا للصلاة وحضروا فيه الجماعات ودعوا الناس للتوافد عليه، ولكن حقيقة أمرهم أنهم كانوا يريدون تفريق كلمة المسلمين، وإنشاء مؤسسة موازية للمسجد النبوى الشريف الذى يجتمع فيه الصحابة حول سيدنا رسول الله، مما سيترتب عليه إعلاء تيارات موازية، والترويج لأفكار موازية من المؤكد أنها ستهدم المجتمع، لأن المنافقين إنما دعاهم للنفاق طلبهم للسلطة، والسلطة دنيا، والدنيا تفرق ولا توحد ابدا، فإن عبدالله بن ابى سلول زعيم المنافقين كان يتطلع لأن يكون ملكا على المدينة، ويرى فى مجيء رسول الله إلى المدينة ضياعا لطموحاته فى الملك» (ص7) وبعد ذلك يحدثنا فضيلة الشيخ على جمعة عن هدفه وهدف المجموعة التى التفت حوله والتقت من أجل تأليف هذه الموسوعة الضخمة فيقول: «ونحن عازمون ان شاء الله على تفكيك هذه الدائرة المعرفية المغلقة التى أنشأها أولئك الإرهابيون المعاصرون، فإن هؤلاء التكفيريين الضلال صنعوا لأنفسهم دائرة من النصوص والافكار وأحاطوا انفسهم بها وبدأت تلك المكتبة الخاصة بهم تتضخم بمرور الزمن بما استلزم اقتحامها وقراءتها من أجل تفكيكها امام ابنائنا وشبابنا حتى لا يقعوا فى مصيدة هؤلاء المتطرفين، ثم يقول: «وقد قرأنا معظم ما كتبوه وخرجنا بتصور عام». ثم يفسر قائلا: «ان هؤلاء المتطرفين مهووسون بفكرة التميز عن بقية المسلمين.. فسعوا من أجل ذلك لإنشاء الافكار الموازية حتى يكون لديهم «دين مواز» أى مجموعة من التصورات العقائدية والاختيارات الفقهية والمنظومة الاخلاقية انتقوها وارتضوها جامعا ورابطا لهم. ونحن وعلماء المسلمين والعقلاء من عامة الناس نرى فى تلك الصورة التى ركبها هؤلاء المتطرفون للدين تشويها لحقائق الاسلام وثوابته، وتلك جريمة وجب عقابهم عليها أو على الاقل منعهم من التمادى فى ارتكابها» (ص8).. ويقول مولانا: «ان هذه الفكرة الضالة التى تجذرت فى أوساط المتطرفين فى جيل الاجداد فتوالى عليها الابناء فعدوها من الحقائق الثابتة، فأتى الاحفاد فاعتبروها عقيدة راسخة يعد الخروج عنها خروجا من الدين كله.. وهذا هو الضلال المركب. (ص9).. وبهذا قدم الدكتور على جمعة للإسلام وللمسلمين بل وللعالم اجمع مفتاحا لفهم حقيقة من اسماهم عن حق «خوارج العصر» فشكرا يا مولانا ونستأذنك فى أن نواصل مطالعة هذه الموسوعة.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف