هناك تخوف حقيقي من سيطرة رجال الأعمال علي البرلمان القادم لإصدار القوانين التي تحقق مصالحهم علي حساب مصلحة الشعب واستكمال منظومة "زواج المال والسلطة".. هذا ليس مجرد هاجس أو افتراء.. لكنه تخوف حقيقي يتردد صداه في كثير مما تنشره الصحف علي لسان السياسيين وأساتذة العلوم السياسية والمراقبين للمشهد السياسي.
لقد سيطر رجال الأعمال علي الأحزاب والفضائيات وكثير من الصحف.. فصار معظم رؤساء الأحزاب من رجال الأعمال أو يقف خلفهم رجال الأعمال.. وهناك معارك علنية طاحنة علي رئاسة الأحزاب طرفاها رجال أعمال.. ورجل الأعمال الذي يرأس حزبا أو يؤسس حزبا أو يدعم حزبا صار يتحدث علنا ويتصرف علنا باعتباره مالك الحزب والمهيمن عليه والمتحكم في أموره كلها بما في ذلك المرشحون المحتملون للانتخابات البرلمانية.. وبالطبع سوف يتولي تمويل هؤلاء المرشحين وإذا نجحوا فسوف يكون ولاؤهم لمن ولاهم وفتح لهم الطريق.. ويكون همهم الدفاع عن مصالحه.. هذا إذا لم يكن رجل الأعمال قد قرر أن يخوض الانتخابات بنفسه وسط رجاله.
والحقيقة ان أموال رجال الأعمال التي صار يعبر عنها بـ "المال السياسي" استطاعت أن تغزو المجال الإعلامي وحققت فيه ومن خلاله مكاسب كبيرة إلي جانب المكاسب التي حققتها في الأحزاب السياسية.. ورأينا خلال الفترة الماضية ماذا يمكن أن تفعل صحف رجال الأعمال وقنوات رجال الأعمال من تشويه للحقائق وتلاعب بمشاعر الناس وعقولهم.. وبعد الأحزاب والإعلام والصحف سوف تأتي مرحلة السيطرة علي البرلمان في محاولة للإمساك بعنق مصر.
وأصبح عادياً أن تفتح بعض الصحف ـ القومية تحديدا ـ لتقرأ تحذيرات واضحة صريحة من سيطرة رجال الأعمال علي البرلمان القادم لخطورة ذلك علي مستقبل مصر والمصريين.. وسوف أنقل لك بعضا مما جمعته خلال الأيام القليلة الماضية في هذا الشأن :
* المستشار يحيي قدري النائب الأول لحزب الحركة الوطنية : هناك بالفعل تأثير شديد علي الأحزاب بسبب المال السياسي.. وهناك من يريد ترسيخ قاعدة "البقاء للأغني".. ونحن لن نقبل بأن يكون إرادتنا يحكمها الغني أو يتحكم فيها الأكثر ثراء لأن ذلك سيجعل مجلسنا القادم قد ألم به العطب وهو أمر مرفوض شكلا وموضوعا.. النائب الذي سيصل إلي البرلمان فوق المال السياسي لن يكون معبرا عن الإرادة الحرة للناخبين.
* خالد العوامي أمين الإعلام بحزب الحركة الوطنية : المال السياسي سيفرز لنا مشهدا سياسيا ملوثا بالمال تحقق فيه فئة قليلة مصالحها الضيقة.. وعندما يتحكم أصحاب الثروة في الحياة السياسية والبرلمانية حتما سيطوعون آلة الرقابة البرلمانية والتشريعية لخدمة أعمالهم ومصالحهم.. بل ربما يتحكمون في صانع القرار التنفيذي ويفرضون حوله دائرة حديدية لا يقدر أن ينفك منها من خلال أدواتهم الرقابية البرلمانية التي وصلوا إليها من خلال ثرواتهم.
* د. رفعت السعيد زعيم التجمع : بعد ثورة 25 يناير انفتحت شهية بعض رجال الأعمال لتأسيس الصحف والفضائيات وانضموا إلي الأحزاب وسيطر بعضهم عليها.. لكي يجعلوا البرلمان القادم علي مقاسهم.. فهم يريدون الاستيلاء علي التشريعات المصرية داخل البرلمان لخدمة مصالحهم الشخصية.. بصراحة رأس المال السياسي يريد أن يخنق عنق مصر وهنا مكمن الخطر.. الخوف من أن نفاجأ بأن البرلمان القادم يمثل رجال الأعمال.. ويصبح سلاحهم هو الحديث بالصندوق ورفع شعار الديمقراطية.. هذا امساك لمصر من عنقها.. وبالتالي يصعب اصدار تشريعات وقوانين لصالح الشعب المصري مثل قوانين لتحقيق العدل الاجتماعي والضرائب التصاعدية والحد الأقصي والأدني للأجور.
* د. ياسر الهضيبي استاذ القانون الدستوري والبرلماني السابق : دخول رجال الأعمال إلي البرلمان بأنفسهم أو من خلال وكلاء لهم هو لخدمة مصالحهم واستثماراتهم وأموالهم.. فالحصانة البرلمانية مؤثرة في حماية المال.. فالسياسة تخدم المال.. بينما المال لا يود أن يكون خادماً للسياسة.