المصريون
ياسر انور
تيار "العكاشيون الجدد" New Okashists
معروف عن العالم الغربي أنه مغرم بنحت المصطلحات و صوغ التصنيفات في العلوم المختلفة مثل المحافظون الجدد New Conservatives ، والليبراليون الجدد New Liberals ، و الملحدون الجدد New Atheists ترامبيزم ،Trumpism(نسبة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب )، وغير ذلك من المصطلحات الجذابة . ويبدو أن نحت المصطلحات هو الخطوة الأولى في طريق النهضة العربية و المصرية Renaissance ، فهناك مصطلح تجديد الخطاب الديني ، ومصطلح الحرب على الإرهاب ، و طيور الظلام ، وغير ذلك من المصطلحات التي تهيمن على أفق الخطاب العربي في الوقت الراهن . ولأن (التراث الإسلامي) أصبح هو العقبة في طريق التنمية و التقدم و العدالة (وفق منظور ) أهل الحل و العقد عندنا . ولأن رموز الإسلام صارت مستباحة ، بحيث أصبح الطعن فيها و في الثوابت أقصر الطرق للحصول على الأوسمة والنياشين والشهرة و الألقاب المجانية من عينة المفكر الكبير ، و الفيلسوف العظيم ، .. في الوقت الذي يجرجر فيه كل من يجرؤ على التعرض إلى ثوابت الآخرين بتهمة تهديد السلم الاجتماعي ، و الوحدة الوطنية . في ظل كل هذه المشاهد العبثية بدأ يتشكل لدينا (جيل جديد) من رواد النهضة في مصر و العالم العربي بملامح وسمات تميزه عن كثير من التيارات الأخرى ، بحيث يمكن أن نطلق عليه تيار "العكاشيون" الجدد أو New Okashists . ولأن الدكتور" طه حسين" في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" يصر على أن العقل المصري عقل غربي بتكوينه و سماته ، فسأحاول من خلال تقمص الشخصية الغربية أن أشير إلى البنية الفكرية التي تميز تيار " العكاشيون الجدد" ومستقبله السياسي و النهضوي في تكوين المشروع القومي العربي المنتظر. نشأ هذا التيار بطريقة عشوائية متناثرة هنا وهناك . ويبدو أن بوادر ظهوره كانت موجودة في عصر "المتنبي" ، وربما هذا ما دعاه لأن يقول بيته الخالد في إحدى قصائده :
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا
لكنه أي تيار (العكاشيون )ما لبث أن خفت مع وجود قادة كبار و علماء أفذاذ مثل "البيروني" و "ابن النفيس" و "صلاح الدين الأيوبي" وغيرهم من عظماء التاريخ الإسلامي و العالمي . لكن مع التراجع الحضاري الذي أصاب الأمة ،عاود هذا التيار الظهور مجددا بطريقة متناثرة أيضا إلى أن تبلور و اتضحت ملامح مشروعه الحضاري في السنوات الأخيرة .
"العكاشيون الجدد" ليس مذهبا باطنيا كما يدعي البعض ، وليس فكرة خرافية كما يروج آخرون ، بل هو مشروع عربي متكامل يضم نخبة من المثقفين والإعلاميين و الساسة الكبار . وإذا تأملنا خارطة المشهد العربي من الخليج إلى المحيط ، فسوف نجد أن هناك زعامات سياسية كبرى تنتمي إلى تيار " العكاشيون الجدد" نستمع إليهم في خطبهم وحواراتهم ولقاءاتهم وندرك على الفور الملامح الفكرية التي تميزهم عن سابقيهم ، فهم لا يعترفون بنظام الترقيع في التعامل مع التراث الإسلامي الذي يعتبر أهم معوق لمشروعهم الطموح ، بل يتبعون طريقة أخرى أكثر راديكالية . كما يتواجد أيضا في تيار" العكاشيون الجدد" نخبة من الإعلاميين البارزين الذين قدموا تصورات اقتصادية و سياسية بل وتفسيرات دينية عصرية باهرة ، حتى إن أحدهم فسر المعراج (بالسوستة ) التي (نطرت ) النبي (هكذا بوقاحة مقصودة ) إلى السموات العلا. لكن أبرز ما يميز تيار " العكاشيون الجدد" هو انضمام نخبة من المثقفين و الأدباء لحمل مشعل التنوير ضد الظلاميين الإسلاميين و الرجعيين المتطرفين ، لدرجة أن واحدا منهم اعتبر أن "صلاح الدين الأيوبي" أحقر شخصية في التاريخ. و يرى " العكاشيون الجدد" أن الحاضر يعاني من إرث الماضي ، وأنه بدلا من الحديث عن عوامل النهضة و التقدم الحضاري ، تلك العوامل التي أثبتت فشلها في العالم العربي من حرية وإخاء ومساواة و تنمية و تعليم إلى غير ذلك من المصطلحات البائسة التي جعلت الأمة العربية رمزا للتخلف ، بدلا من ذلك الخطاب التقليدي ، فإنه ينبغي أن نتبنى خطابا مغايرا كـ (تجديد الخطاب الديني) و (الحرب على الإرهاب ) ، والحقير (صلاح الدين) و (البخاري) الإرهابي . لكن السؤال الملح الذي يطرحه المحللون هو : ما مستقبل تيار "العكاشيون الجدد" ؟ وقدرته على إعادة الحيوية للعالم العربي و تبؤ مقعد أستاذية العالم ؟ يرى بعض المحللين المتفائلين أننا خطونا الخطوات الأولى لإطلاق الأقمار الصناعية التي كان يعوقها " عمرو ابن العاص " و" البخاري و"الطبري" و"ابن كثير" و" سالم عبد الجليل"و أن " الياقوت " و"الذهب " والمرجان " سيملأ الشوارع ، "ولكنكم يا خباب قوم تستعجلون " بينما يرى فريق آخر (و أنا واحد منهم ) أن الخيل و البغال و الحمير سوف تكون أحدث المخترعات التي سوف يتوصل إليها تيار " العكاشيون الجدد" New Okashists والعكاشية الجديدة New Okashism .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف