قبل كل شئ وبعده، يحمد المصريون الله كثيرا على «نعمة» الوطن، وأيضا على أشياء أخرى كثيرة لا تقدر بثمن، تستحق أن يحتملوا من أجلها كل مصاعب الحياة، وتستحق أيضا تضحياتهم الكثيرة والطويلة.
المصريون عبر تاريخهم الطويل، لم يقدموا سوى التضحيات، وارتضوا دائما العيش على «الكفاف»، وتقشفوا وشدوا الأحزمة حول بطونهم، بلا كلل أو يأس، وتخلوا ــ عن طيب خاطر ــ عن كل ما هو غير ضرورى للحياة، وكل ما يحمل «شبهة» ترف أو دعة، فقد كان هناك دوما فى حياتهم ما يمنح الطمأنينة والرضا، وكان هناك ما يحافظ على كرامتهم، ولم يكن فقرهم متوحشا وقاسيا إلى هذا الحد.
يوما بعد يوم، تزداد صرخات واستغاثات الفقراء، وهم يمثلون نسبة كبيرة من المصريين، أصبحت تواجه مأزقا كاملا، فى توفير ابسط وادنى احتياجاتهم، من طعام وشراب ودواء، وهذه الصرخات تقول بوضوح تام:إن الناس لم تعد قادرة على المقاومة، وأن قواها خارت، فى معركتها غير المتكافئة مع الحياة، والتى لا يحظون فيها بحماية حقيقية من أى نوع. استمعوا باهتمام شديد إلى صرخات واستغاثات الناس، ولا تستخفوا بها أو تتجاهلوها وتسخروا منها، فالشعوب لا تنسى ولا تغفر وإن صبرت.
> فى الختام .. يقول الشاعر صلاح عبد الصبور:
«الناس فى بلادى جارحون كالصقور
غناؤهم كرجفة الشتاء فى ذؤابة الشجر»