المصريون
اسماعيل حلمد
(صلاح الدين والأقصى والمعجزة...ثلاثية الألم والأكاذيب...)
الى متى يفرض علينا الإعلام نماذج من المثقفين ذوي التوجهات المعروفة التي قد تضر بقضايا الأمة. ثم يسقط هؤلاء المثقفون في فخ ميولهم وايديولوجياتهم التي كثيرا ما تناقض الحقائق والثوابت التاريخية، أو حتى الدينية. ومن أبرز هؤلاء الدكتور يوسف زيدان المعروف بتوجهاته ضد القضية الفلسطينية التي لا تخفى على احد. فالرجل لم يتورع عن إنكار العديد من الثوابت التي قد تمس حتى عقيدة المسلم. فهو ينكر وجود (المسجد الاقصى) في فلسطين، ويزعم أنه يوجد قرب الطائف. ثم نجده ينكر معجزة (الإسراء والمعراج) التي وردت في القرءان، وتحدثت عنها الاحاديث الصحيحة. ولعل إنكار الدكتور يوسف زيدان سواء للإسراء والمعراج أو المسجد الأقصى وهو ما يعني أنه يدعو اليهود صراحة لهدم المسجد الأقصى، لأنه لا قدسية له، وانه لا حقوق للعرب فيه، ومن ثم فإنه لا أهمية دينية لمدينة القدس ذاتها حسب هذا الطرح. وصار من حق اليهود بناء (الهيكل الثالث) المزعوم في مكان المسجد الأقصى الحالي، وهو كلام في منتهى الخطورة، ولايمكن أن يصدر عن شخص يقدر مسؤلية ما يقول. ويتماهى مع ذلك طعن يوسف زيدان مؤخرا في شخصية (صلاح الدين) الذي أثني عليه الأعداء قبل الاصدقاء، وكيف لا وهو الذي استرد القدس من أيدي الصليبيين بعد أن ظلت تحت قبضتهم نحو قرن من الزمان. وصلاح الدين ليس شخصية مقدسة على الاطلاق، بل هو شخصية تاريخية لها ما لها، وعليها ما عليها. ولكن يبقى بطلا من ابطال الاسلام. ولم يكن من اللائق أبدا لمثقف مثل يوسف زيدان ان يسقط في فخ السباب والشتائم لصلاح الدين بهذه الطريقة، ومحاولة تشويه صورته أمام البسطاء. ومما يؤكد لنا سوء النية في التعاطي مع هذه القضية من خلال تقديم الإعلام لشخصية جدلية مثل يوسف زيدان بمثل هذا الزخم المبالغ، وبما يكتنف أفكاره وتوجهاته من حدة لا تليق بالمؤرخين الموضوعيين. ثم يطالعنا الإعلام الإسرائيلي هذه الأيام محتفيا بمزاعم يوسف زيدان حول الأقصى، وتشويه صلاح الدين، ويدخل في ذات السياق افيجدور ليبرمان اليهودي المتطرف، وغيره من متطرفي الكيان الصهيوني. ويطري ليبرمان وهو منتشي على كلام يوسف زيدان، ويؤكد أن افكار المثقف المصري تدعم المصالح الإسرائيلية في فلسطين، ومحاولات تهويد القدس. أقول وقلبي يعتصر من الألم أن الإعلام قدم من حيث لايدري هدية مجانية لليهود من خلال إبراز مزاعم يوسف زيدان للعلن بهذه الصورة التي تفتقد للحكمة والموضوعية، وبما يضر بمصالح الفلسطينيين. والأشكالية الأخرى ان الأمة العربية ذاتها تعاني كما لم تعان من قبل، وهي تمر بحقبة عصيبة تواجه خلالها تحديات جسام تهدد وحدتها. ولهذا فإنه يحب على الإعلام ألا يكون شوكة في ظهر الأمة وقضاياها المصيرية لمجرد البحث عن فرقعات إعلانية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف