الفنان الراحل حسن عابدين لديه جملة شهيرة في أحد المسلسلات يقول فيها: "في حاجة غلط" ومع تطور الأحداث في المسلسل تحولت الجملة من "في حاجة غلط" إلي في "حاجات غلط". الشيء الوحيد الذي كان خطأ تحول إلي أشياء كلها غلط وهذا للأسف ما يحدث في محطات التليفزيون حاليًا. برامج تستضيف شخصيات معروف عنها انها "كلها غلط" منذ نشأتها الأولي عندما كانوا حفاة عراة إلي وضعهم الحالي ببدل أنيقة ورباط عنق مستورد غالي الثمن وكلام كله غلط أو علي الأقل يثير لغطًا ما في المجتمع بغرض إلهاء الناس عن أوضاعهم المعيشية المريرة. كما يتسبب في إذكاء نار الفتن بين طبقات المجتمع وطوائفه.
المشكلة الأساسية ليست في البرامج أو الضيوف وحدهم ولكنها في الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية لأي كلام. تلك الهيئات الإعلامية التي تم تشكيلها حديثًا علي أمل ضبط إيقاع الإعلام المنفلت ومتابعة الخروج علي المقاييس المهنية المعترف بها والأهم احترام الناس. كل الناس واحترام عقولهم واعتقاداتهم. بالإضافة إلي الحفاظ علي الثوابت الوطنية والقومية والدينية. وللأسف الشديد لم نر حتي الآن لهذه الكيانات أو الهيئات كرامة ولم نسمع لها صوتًا إلا خلافات حول المقرات وتوافه الأمور التي تم حسمها مؤخرًا وعليهم بعد أن تسلموا المقرات وعرفوا المخصصات أن يظهروا كرامة واحدة في التعامل مع الإعلام التليفزيوني المنفلت وبدلاً من كانت هناك "في حاجة غلط" أصبحت كل الأشياء غلط.
معمم تستضيفه واحدة من الفضائيات تعلم مسبقًا طريقة تفكيره وتعلم علم اليقين أنه من مثيري الفتنة. إلا أنه يجلس ويتسلطن ويقر ويفتي بأن الأقباط كفرة. المشكلة ليست في الضيف. المشكلة فيمن استضافوه واستمرار التهريج والإسفاف في وقت نعمل فيه علي التجميع لا التفريق ويبح صوت المسئول الأعلي علي ضرورة الاصطفاف الوطني والقومي. وتتباري القنوات في استضافة هذه الأشكال المثيرة للغط والفتنة ومنحها مساحات واسعة لتقول أشياء نحن لسنا في حاجة إليها الآن أو في أي وقت قادم. محطة أخري تستضيف شخصية أخري ليس علي رأسه عمامة ولكنه ينخر في التاريخ وللأسف ليس مجرد آراء ولكنها سهام يقصد بها قتل ما تبقي من حمية علي الأوطان ويصف صلاح الدين الأيوبي بأسوأ الصفات بعدما اثار من قبل هوجة حول الإسراء والمعراج. مثل هذه الأفكار قد يرددها العامة في جلساتهم الخاصة في المقاهي وليس علي شاشات التليفزيون ويبدو أن هناك مخططًا لإهالة التراب علي صفحات تاريخنا الناصع أو ما نظن أنه ناصع ولندفع إلي الاعتذار إلي كل تاريخنا العربي والإسلامي مما دفع أحد الدعاة في دولة عربية شقيقة ليقول "سيظهر جيل من المثقفين المصريين يعتذر للكفار عن غزوة بدر" المشكلة بالفعل أن هناك الكثير والكثير من الأشياء الغلط والكل يبتسم ببلاهة ولنا الله.