مع اقتراب موعد انتخاب الرئيس الجديد لمنظمة اليونسكو. فان الظاهرة القديمة المتجددة. وهي اتفاق العرب علي ألا يتفقوا لاتزال هي مواقف القيادات الثقافية العربية من قضية الترشيح لرئاسة المنظمة الدولية.
خاضت الأقطار العربية ـ من قبل ـ صراعات بين العديد من المرشحين. انتهت ـ في كل مرة ـ بفوز المرشح الأجنبي. تزكية المرشحين العرب. كل لنفسه. علي حساب الآخرين. أتاح الفرصة للمرشح الأوروبي. كي يفوز ـ دون عناء ـ بالمنصب. أن أعطي صوتي لمرشح واحد له منهجه الواضح المحدد. خير من أن أعطيه لمرشحين يفترض اتفاقهم. لكنهم بدأوا بالاختلاف علي أحقية كل منهم بالمنصب الرفيع. وكانت المرة الأخيرة حين أفادت إيرينا بوكوفا الرئيسة التي انتهت مدتها من الخلافات العربية العربية حول جدارة مرشح عربي من بين ثلاثة مرشحين للفوز بالمنصب الثقافي الدولي.
المرشحون هذه المرة أربعة. وبدلا من يدعو حبيب الصايغ الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب الي كلمة سواء. والحرص علي سمعة العرب من الوكسة القوية. فقد أصدر بيانا حول الترشيحات المهزلة. أشاد فيه بالمرشحين الأربعة. وأنهم علي قدر المسئولية. ويا دار ما دخلك شر!.. كأن الترشحيات تجري في غيبة من العالم. وأن السيدة بوكوفا لم تخلف من يتطلع للافادة من تكرار الأمر. فيصر كل مرشح أن يكون هو ممثل العرب في عملية الترشيح. وان تمني الحظ السعيد لبقية المرشحين.
أشرت من قبل الي موقف المرشحة المصرية مشيرة خطاب: لقد أبدت ترحيبها بأن يتم الاتفاق علي مرشح عربي واحد. وان رفضت أن تزكي نفسها. وكررت ما قالته في العديد من العواصم. وآخرها العاصمة اليونانية أثينا. أما المرشح القطري حمد بن عبدالعزيز الكواري فقد أفاض في شرح موقف بلده المناصر للقضايا العربية ـ هذا هو تصوره! ـ وأشار الي أنه يحظي بتجاوب عالمي. ثم طالب الصايغ أن يساند ترشيحه في المنظمة الدولية. أما المرشحان اللبنانيان غسان سلامة وفيرا خوري. فقد كرر الصايغ دعوتهما الي الكلام المباح!
المشكلة تكررت في انتخابات سابقة. أذكرك باسماعيل سراج الدين والقصيبي وفاروق حسني. دخلوا مختلفين. ففاز من عبر عن رأي عام يؤيد ترشيحه.
بصرف النظر ما اذا كان الصائغ أراد السخرية من الخلاف الذي اختاره العرب بدلا من الاتفاق أم العكس. فان شعارات الوحدة العربية. والتعبير عن ثقافة مشتركة. وأمجاد يا عرب.. ذلك كله يبدو نكتة سخيفة من حق العالم أن يضحك لها. ثم يتجه ـ بلا مزايدة ـ الي المرشح الذي يعبر عن مجموعته الاقليمية. أو عن مثقفي العالم.
لا أزعم أن اقتصار العرب علي مرشح واحد يضمن الفوز برئاسة المنظمة الدولية. لكن التقدم للمنصب بمرشح واحد. تدعو له كل الأقطار العربية. أفضل من البداية الفاشلة. وهي التقدم بأربعة مرشحين.
يوصف الوطن العربي بأنه مجتمع الفرص الضائعة. فهو يرفض المتاح تطلعا للحصول علي الصعب. ثم يفقد المتاح والصعب معا. معركة اليونسكو تختلف عن ذلك المعني. انها تعبير عن روافد القبلية من الأثرة. والرغبة في الحصول علي كل شيء. والانتصار للذات حتي لو أفاد من صراعنا الآخرون!