الجمهورية
صلاح الحفناوى
أزمة طعام.. في شهر الصيام!
طوارئ في كل مكان.. التموين.. القوات المسلحة والداخلية.. المحافظات والأحياء والمراكز.. منافذ متحركة وسرادقات ثابتة لتوفير السلع الغذائية بأسعار نارها أقل من نار التجار: فرمضان علي الأبواب.. وشهر الصيام لا يحلو بغير الافراط في الطعام.
الاستعدادات للشهر الفضيل علي قدم وساق.. ووسائل الإعلام تزف الينا بشري استيراد المزيد من اللحوم مع توقع ارتفاع الأسعار كمان وكمان بسبب زيادة الاستهلاك في شهر الصيام.. استيراد المزيد والمزيد من الدواجن.. منافذ لبيع الياميش والمكسرات.. أكشاك لبيع الكنافة والقطايف.. حالة استنفار قصوي لتوفير كميات هائلة من الأطعمة الطازجة والمحفوظة.. من أجل شهر الصيام.
نحن أصبحنا لا نعرف من الشهر الفضيل سوي الامتناع عن الطعام والشراب عدة ساعات.. تطول أو تقصر.. كل يوم.. لنبدأ بعدها سباقا محموما علي تناول الطعام يستمر حتي آذان الفجر.. نحن حولنا شهر الصيام إلي شهر الإسراف في الطعام.. حولناه إلي تسابق محموم علي إعداد الولائم وأصناف الحلوي.. وعلي قضاء لياليه أمام التليفزيون مع المقبلات والتسالي.. أفواهنا لا تتوقف عن المضغ وأجسامنا لا تتوقف عن اسقبال كميات هائلة من الأطعمة.
أصبحنا في شهر الصيام نعاني من التخمة.. نعاني من زيادات هائلة في الوزن.. نعاني من تراكم الشحوم في أجسامنا وترهلها.. تنسد شراييننا من فرط الدهون الثلاثية والكوليسترول.. فهل بقي من الشهر الفضيل غير الامتناع المؤقت عن الطعام.
سألني صديق قبل أيام عما اذا كنت قد انتهيت من شراء ياميش رمضان.. شاكيا من ارتفاع أسعاره إلي مستويات غير مقبولة ولا معقولة.. وعندما أخبرته أنني لم أعد استعمل الياميش منذ أعوام.. وانني لا أستعمل سوي بضع تمرات كل يوم اكسر بها صيامي.. نظر إلي مشفقا ومستهجنا وتركني ليبحث عن مرشد أخر يدله علي أفضل مكان للشراء.
وخلال شهر رمضان الماضي سألني صديق عما إذا كنت تذوقت الكنافة بالمانجو التي يعدها محل شهير.. ويبيع الصينية منها بأربعمائة جنيه بالتمام والكمال.. وعندما أخبرته بأنني لم أشرف بذلك ولا أسعي لنيل هذا الشرف.. نظر إلي مشفقا ومستنكرا وتركني ليبحث عن أخر يشاركه نشوة ¢الكنافة بالمانجو¢.. فهل هكذا نستقبل ونعيش أيام شهر الصيام؟.
في الصيام.. يوحد الامتناع بين المسلمين في نهاره.. يتقاسم كل المسلمين الإحساس بالجوع ليشعروا بمعاناة الفقير والمحروم.. أما في ليله فلا مجال للتوحد ولا عزاء للفقراء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف